أم نورة : المصاريف ذبحتني والمرتب لا يكفي لشراء أدوية علاجي..
فري بوست- متابعات
“المصاريف ذبحتني ولا حلول أمامي والراتب لا يكفي لشراء أدوية علاجي، فكيف بمقاضي البيت”، ليست الضائقة المالية وانهيار الريال اليمني بشيء جديد على سكان المناطق المحررة، فقد نهشت منهم ما نهشته طوال سنوات الحرب، وتلاحقت على أكتافهم الأزمات واحدة تلو الأخرى، حتى تعود “هذا الكفّ على اللطم”، كما قالت الستينية أم نورة.
لم تعُد الحال كما كانت في أسرة أم نورة البالغة من العمر 60 عاماً، والتي تقطن في إحدى أحياء مدينة عدن، بل إنها لا تجدُ ما تشتري به رغيف خبز تسدّ به جوعها، بعد أن ارتفع أسعار الروتي ويباع القرص الواحد بـ 40 ريال، فإذا أنفقت 500 ريال يومياً لقيمة قرص روتي واحد لكل فرد من الأسرة لمدة شهر، سيكلفها نصف راتبها الذي يعد 30 ألف ريالاً فقط.
تحكي أم نورة بصوت مبحوح، أن لديها 4 من البنات الاتي لم يتحصلنّ على عمل حتى اللحظة، وتقضي مقاضي شهرها بالديون التي اثقلت كاهلها.
المسنة أم نورة حزينة على 30 عاماً انقضت في الخدمة والعمل في مصنع الإسفنج، وعند تقاعدها لا يكفيها مرتبها لشراء بعض الأودية خلافاً لمتطلبات المنزل الأساسية من الغداء.
شلل اقتصادي
حالة من الشلل الاقتصادي في أسواق عدن المتأثرة بهذا الانهيار، وسجل الريال اليمني 1020 مقابل الدولار الواحد، مع تخبط أسعار المحروقات والمواد الغذائية والأدوية.
وبلغ سعر الكيس السكر 32000 ألف ريال، بينما سعر الكيس الدقيق 27000 ألف، وارتفع قيمة الزيت العشرين لتر 29000 ألف ريال.
وشهدت أسعار الخضروات والفواكه ارتفاعاً في أسواق العاصمة عدن، وبلغ سعر كيلو البطاطس 800 ريالاً، فيما سجّل سعر كيلو الطماطم 600 ريال، وأصبح سعر كيلو البصل 500 ريال وكيلو الليمون سجل 1000 ريال، ووصل سعر كيلو البسباس إلى 1500 ريال.
أجور ضئيلة تواجه الانهيار
وتسبب ذلك في زيادات حادة للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء سلع أساسية لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقما، خصوصا مع توقف صرف أجور الموظفين الحكوميين منذ أكثر من سنوات في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي الإرهابية.
سياسات خاطئة لمركزي عدن
واتهم أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة حضرموت، وليد العطاس، البنك المركزي في عدن، أن السياسات الغير فعّالة من قبله، وطباعة عملة جديدة وضخها إلى السوق، دون أسس علمية أو عملية سبب من أسباب انهيار العملة. مضيفاً، أن مركزي عدن لم يقم بأي وظيفة أخرى غير طباعة الأوراق النقدية وضخها في السوق ولم يتدخل في أي سياية نقدية أخرى..
وفي وقت سابق، أكد الباحث الاقتصادي مصطفى نصر، أن انهيار الريال أبرز المشاكل الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد اليمني، مشيراً إلى أن الريال فقدَ ما يقارب 250% من قيمته منذ بدء الحرب، وخلال السنوات الست الماضية تسبب هذا التدهور في انتشار المضاربة بالعملات الأجنبية، وتفاقم سوء معيشة المواطنين، وارتفاع الأسعار بشكل حاد، نتيجة مجموعة من العوامل، أبرزها: بنية الاقتصاد اليمني، الفشل والفساد الحكومي، وتراجع تحويلات المغتربين، إضافة إلى عوامل خارجية وسياسية.
أطراف الصراع تغذي الأزمات
لعبت أطراف الصراع كافة دوراً سلبياً في تغذية الأزمات الاقتصادية في اليمن بدرجات متفاوتة، فجماعة الحوثي فلهم الدور الأكبر في انهيار الاقتصاد اليمني، نتيجة استحواذهم على الاحتياطي النقدي لليمن من العملة الصعبة”، وكذلك “استيلائهم على إيرادات مؤسسات الدولة، وتعطيل عمل البنوك، والاتجاه بشكل أكبر للسوق السوداء والصرافين التابعين لهم، لأجل تنفيذ عمليات غسيل الأموال ونقلها دون قيود”، بحسب الباحث الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي.
وبحسب العوبلي، فقد كان “بإمكان الشرعية إلغاء العملة القديمة وإجبار الحوثيين على تسليم ما لديهم من عملة قديمة من خلال استبدالها في البنك المركزي أو عبر إجبارهم على الدفع بالعملة القديمة مقابل الغاز المنزلي الذي يشحن من مأرب إلى مناطقهم يومياً”، إلا أن ذلك لم يحدث، كذلك “لم تعمل الشرعية على رفع إنتاجها من النفط الخام، الذي يشكّل الجزء الأكبر من إيرادات اليمن، ناهيك عن كون إيرادات تصدير النفط الحالية لا تصل إلى البنك المركزي، وإنما تصل إلى حساب خاص في البنك الأهلي السعودي يتحكم به الرئيس هادي” بحسب العوبلي.
:كارثة إنسانية:
وحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار انهيار الريال سينتج عنه “كارثة اقتصادية” تلقي بظلالها على الحركة التجارية في البلاد مما يمثل عبئا كبيرا على اليمنيين.
بينما حذرت منظمات إغاثة دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة من أن الاقتصاد اليمني “يقف على حافة الانهيار”.
النجاة أمل واهم
بين تراشق المسؤوليات، وواقع صعب، وانفصال عن الواقع، يعيش اليمني اليوم حياة قاسية وظروف معيشية صعبة، ولعلّ أصدق وصف لما يعانيه اليمنيون ، لمنشور حكته المواطنة الدمشقية عن وطنها، سلوى زكزك في منشور لها، «وكأن هذه المدينة نصفان، صباح للتعب وليل للترف، ويعاني وعمال وموظفون وغير موظفون بالعودة إلى بيوتهم بكيس يحوي قرص أو اثنان من الروتي وخضار ذابلة، خائبون ومشيعون لموتاهم وللحياة أو لأمل واهم بالنجاة أو بتبدل طفيف لحال من أحوالهم.