ارتفاع أسعار الطاقة يؤثر على صناعة الرقائق في تايوان ويهدد تنافسية TSMC

 تواجه شركة TSMC التايوانية، العملاق العالمي في صناعة أشباه الموصلات، أزمة حقيقية بسبب الارتفاع الحاد والمتكرر في أسعار الطاقة في تايوان، ما يهدد بتأثيرات سلبية على تنافسيتها في السوق المحلي والعالمي. وتؤكد التقارير أن الشركة أصبحت تدفع أسعارًا أعلى للطاقة داخل تايوان مقارنة بما تدفعه في مصانعها الخارجية، وهو ما يفاقم من تحدياتها الاقتصادية.

وحسب تقرير نشرته صحيفة “فاينانشيال تايمز”، فإن TSMC، التي تعد من أبرز الشركات في صناعة الرقائق الإلكترونية على مستوى العالم، تواجه صعوبة في التعامل مع القفزات المفاجئة في أسعار الكهرباء، فضلاً عن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المستمر في تايوان، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على عمليات التصنيع في مصانع الشركة.

تعتبر TSMC، التي تمتلك مصانع في الولايات المتحدة واليابان، إضافة إلى خططها لافتتاح مصنع جديد في ألمانيا، من أكبر الشركات المتضررة من زيادة تكاليف الكهرباء، في الوقت الذي تعاني فيه الصناعة التايوانية ككل من هذه المشكلة، وفقًا للصحيفة البريطانية.

منذ عام 2022، بدأت الحكومة التايوانية في تنفيذ خطة لتعديل سياسات الطاقة، مما أسفر عن رفع أسعار الكهرباء أربع مرات بهدف السيطرة على معدلات التضخم وحماية القطاعات الاقتصادية الأخرى. لكن هذه السياسات تحمل تكلفة باهظة بالنسبة للشركات الكبرى، حيث شهدت TSMC زيادة بنسبة 25 في المائة في أسعار الكهرباء، في حين حافظت الحكومة على تجميد زيادات الأسعار للأسر والشركات الصغيرة.

وفي إطار استراتيجية إعادة هيكلة توليد الطاقة في تايوان، تعكف الحكومة على تعزيز استثماراتها في مشاريع طاقة الرياح على الشواطئ، بهدف توليد ما بين 27 و30% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. في المقابل، تتراجع بشكل حاد إمدادات الطاقة من المحطات النووية، التي كانت توفر 50% من الكهرباء في السابق، لتصل إلى 6% فقط، ومن المتوقع أن تختفي تمامًا مع إغلاق آخر مفاعل نووي في مايو المقبل.

وعلى الرغم من أن زيادة أسعار الطاقة ليست مشكلة مالية فورية لـ TSMC، إلا أن الأزمات التي يواجهها القطاع الصناعي في تايوان تتزايد بشكل عام. خلال العقد الماضي، تراجع احتياطي التشغيل لقدرته توليد الكهرباء إلى ما دون المستوى المستهدف، مما أدى إلى زيادة انقطاعات التيار الكهربائي في البلاد. وفي وقت تحتاج فيه شركات مثل TSMC إلى تأمين استمرارية عملياتها لتلبية الطلبيات الخارجية، فإن انقطاع الكهرباء يفاقم من تعقيدات هذه المهمة.

تُضاف إلى هذه التحديات الزيادة الكبيرة في الطلب على الطاقة، خاصة مع توسع صناعة الرقائق بشكل كبير في ظل الطلب المتزايد على مراكز البيانات التي ينشئها مزودو خدمات “الحوسبة السحابية”، مثل جوجل. ويشكل هذا النمو في الطلب على الطاقة نتيجة لتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي، مما يعرض الصناعة في تايوان لضغوط متزايدة.

وقد أشارت “غرفة التجارة الأمريكية” في تايوان إلى أن ضمان إمدادات كهرباء موثوقة ومستدامة، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى الطاقة، يعد تحديًا كبيرًا لتايوان، خاصة في ظل انخفاض الاعتماد على الفحم والطاقة النووية.