مخاوف من إنقلاب قبائل مأرب على الشرعية
فري بوست- متابعات
يهدّد توتّر ناشئ بين القوات الموالية للحكومة اليمنية ومسلّحين قبليين في محافظة مأرب شرقي اليمن حالة الصمود التي نجحت تلك القوات في تثبيتها طيلة الأشهر الماضية، بمواجهة الحملة العسكرية واسعة والنطاق التي يشنّها المتمرّدون الحوثيون ويهدفون من خلالها إلى بسط السيطرة على المحافظة الإستراتيجية التي تضم أراضيها مخزونات هامة من الغاز الطبيعي.
وقُتل الاثنين قائد كبير في القوات الحكومية اليمنية خلال مواجهات مع مسلحين قبليين في المحافظة، الأمر الذي حمل نُذُر تفجّر صراع جانبي مواز للمواجهة الرئيسية ضدّ الحوثيين، وذلك في سيناريو مكرّر سبق أن واجهه معسكر الشرعية اليمنية الذي لم يستطع في الكثير من الأحيان الحفاظ على تماسك القوى المشكّلة له الأمر الذي أضعف قدرته على استعادة المناطق من سيطرة جماعة الحوثي، بل حتى قدرته على الحفاظ على مناطق مستعادة بالفعل مثلما حدث مؤخّرا في محافظة البيضاء التي تمكّن الحوثيون سريعا من العودة إلى مناطقها التي طردوا منها على أيدي القوات الموالية للحكومة.
وكانت قبائل مأرب قد لعبت دورا كبيرا في صدّ الزحف الحوثي على المحافظة، ومن شأن خسارة القوات الحكومية للدعم القبَلي أن يُضعف قدرة تلك القوات على الصمود ويقلب ميزان القوى بشكل كامل لمصلحة الحوثيين.
وقال مصدر في السلطة المحلية بمحافظة مأرب إن “المواجهات اندلعت بين القوات الحكومية ومسلحين من قبيلة الدماشقة حاولوا استحداث نقاط وحواجز على الطريق الدولي في منطقة العرقين بوادي عبيدة شرقي مدينة مأرب للضغط على الحكومة من أجل الحصول على تعويضات”.
وأضاف متحدّثا لوكالة سبوتنيك الروسية أن “مواجهات عنيفة دارت بين الجانبين منذ منتصف ليل الأحد حتى صباح الاثنين واستُخدمت خلالها دبابات أوقعت قتلى بينهم قائد اللواء الثاني حماية طرق العميد عبدالواحد دوكر الحداد، وآخرون في صفوف القبليين فيما أصيب العديد من الجانبين”.
وأكد المصدر تمكن القوات الحكومية من رفع النقاط والحواجز التي حاول القبليون استحداثها على طريق مرور ناقلات الغاز والوقود في المحافظة الغنية بالنفط.
وتخشى جهات منتمية إلى معسكر الشرعية اليمنية أو مساندة له انقلاب قبائل مأرب على القوات الحكومية ما سيؤدّي إلى انتكاسة كبيرة لها هناك على غرار انتكاستها في محافظة البيضاء، حيث أعلن المتمردون الحوثيون منذ أيام بسط سيطرتهم على مديريتي نعمان وناطع في خضم معركة جارية للسيطرة على مأرب معقل الحكومة الواقع شمالي المنطقة. وجاء ذلك بعد أن حشد طرفي النزاع قواتهما في مديرية بيحان الواقعة في نطاق محافظة شبوة. ومن شأن سقوط المديرية ذات الموقع الاستراتيجي المحاذي لمحافظة مأرب أن يعرّض الشرعية اليمنية لخطر داهم.
وفي فبراير الماضي صعّد الحوثيون عملياتهم العسكرية للسيطرة على مأرب آخر المعاقل الشمالية للحكومة، وقد أوقعت المعارك المئات من القتلى في صفوف الجانبين.
ومن شأن السيطرة على هذه المنطقة الغنية بالنفط أن تعزز الموقف التفاوضي للحوثيين في محادثات السلام. وأثارت المعارك الدائرة في المنطقة التي كان الكثير من اليمنيين قد نزحوا إليها هربا من القتال في أنحاء أخرى من البلاد مخاوف من حصول كارثة إنسانية.
ويدور نزاع في اليمن بين حكومة يساندها منذ العام 2015 تحالف عسكري تقوده السعودية والمتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها وكذلك على العاصمة صنعاء منذ بدء هجومهم في 2014. وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص بينهم العديد من المدنيين وفق منظمات إنسانية عدة.
وعانى معسكر الشرعية اليمنية المدعوم إقليميا من انقسامات حادّة أثّرت على أدائه في إنجاز مهمّته الأساسية المتمثّلة في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.
وكان أبرز تلك الانقسامات ما دار من صراع سياسي وعسكري بين المجلس الانتقالي الجنوبي وقوى منضوية ضمن السلطة، التي يقودها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وتحديدا حزب الإصلاح الممثّل المحلّي لجماعة الإخوان المسلمين والمتّهم بتنفيذ أجندة خاصّة به تتمثّل في السيطرة على مناطق في جنوب البلاد غير خاضعة لسيطرة الحوثيين بدل توجيه جهوده وتوظيف قدراته العسكرية لاستعادة مناطق شمال اليمن وغربه من المتمرّدين.