مسؤولون في الانتقالي الجنوبي : أيّ اتفاق من دوننا باطل
فري بوست- متابعات
يرى مراقبون أنّ الشرعية في اليمن، التي يمثّلها الرئيس عبد ربّه منصور هادي بشكل مباشر، تعدّ سلطة إسمية أكثر من واقعية؛ فهو لا يملك سلطة تامّة، بل حزب الإصلاح، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، هو المتحكم الفعلي فيما يتعلق بالشرعية، خصوصاً الوزارات السيادية والجيش، إلى جانب قوات شبه عسكرية لا تنشط في محاربة الحوثيين بل في محاربة أبناء الشعب الجنوبي في أبين وشبوة، وأبناء مدينة تعز في الغرب.
قوة عسكرية تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي
وكان بإمكان هذه الشرعية إنجاز الكثير في محاربة الحوثيين لكن بدلاً من ذلك حوّل الإخوان مواردها إلى قتال أبناء الجنوب والغرب، فبات الحوثي يتقدم في جبهات القتال الشمالية، بينما أبناء الشمال مشتتون؛ جزء يدافع عن وطنه وحيداً، وجزء من الموالين للإصلاح يقاتل من يُفترض أنّهم في صفّ واحد معه، حتى وصل الأمر إلى فرض الحوثي سلطة أمر واقع بسيطرته على معظم اليمن، وبات هو الكعبة التي يحج إليها المبعوث الأممي، ويُطلب ودّه للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، بعد أن خسرت الشرعية قوتها بسبب توظيف الإخوان لها في صراعات جانبية لتحقيق مصالح الجماعة الخاصة.
زخم دولي
ومع انتهاء تفويض مارتن غريفيث كمبعوث للأمم المتحدة إلى اليمن، تنتهي سلسلة من الجهود الكبيرة التي بذلها الرجل للتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بين الشرعية والحوثيين، ويتطلع المراقبون لما يمكن أنّ يقدمه المبعوث المنتظر، الذي لم تتفق عليه القوى الدولية بعد، وإن كان من المرجح أن يكون سفير الاتحاد الأوروبي في اليمن السويدي هانس جروندبرج.
مع انتهاء تفويض مارتن غريفيث كمبعوث للأمم المتحدة إلى اليمن، تنتهي سلسلة الجهود الكبيرة التي بذلها الرجل للتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار بين الشرعية والحوثيين
وبغضّ النظر عن تمسك الشرعية، ومن ورائها التحالف الدولي بقيادة المملكة، بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الدولي رقم (2216) كمرجعيات للحلّ في اليمن، لم يعد المجتمع الدولي يرى فيها إلا عائقاً، فالوضع على الأرض اختلف جذرياً عن وقت صدورها، وليس بيد المجتمع الدولي فرض هذه المرجعيات أو نية لذلك، بل اعترفت واشنطن، ومن قبلها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بالحوثيين كسلطة أمر واقع.
باتت سلطنة عمان قِبلة الجهود الدولية لإنهاء النزاع في اليمن
ورغم هذا الوضع الكارثي بالنسبة إلى الشرعية، والذي يعني أنّ عمليات التحالف العربي لم تحقق الكثير؛ فلا يوجد أفق داخل الشرعية لعلاج ذلك، في ظلّ الانقسام داخل معسكرها إلى ثلاث قوى؛ الرئاسة وحزب الإصلاح الإخواني، والمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن والجنوب، والمقاومة الوطنية في الساحل الغربي، والتي شكلت مكتباً سياسياً يترأسه قائدها، العميد طارق صالح.
ويقع على عاتق السعودية، بصفتها راعي الشرعية مسؤولية، توحيد رؤى المعسكر المضاد للحوثيين، والتقدم إلى المفاوضات التي يضغط المجتمع الدولي للوصول إليها كفريق تفاوضي واحد، لكن هل يمكن تحقيق ذلك بينما يخوض حزب الإصلاح الحرب ضدّ الجنوب وأبناء تعز.
رؤية جنوبية
واستطلعت “حفريات” رؤية المجلس الانتقالي للمفاوضات المرتقبة، وقال المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثيري؛ المجلس الانتقالي الجنوبي كيان وطني حامل لقضية شعب الجنوب وأهدافها المتمثلة في الاستقلال بالجنوب وطناً ودولة وهوية، ومشاركته في عملية السلام المرتقبة ستكون منطلقة من هذا كلّه، ولن يتماهى مع أيّة مشروعات تنتقص أو تنال من حقّ شعب الجنوب في تقرير مصيره.
وأردف الكثيري؛ أبلغنا كافة ممثلي الفاعلين الدوليين والدول الراعية لعملية السلام، والمبعوثَين الدولي والأمريكي؛ بأنّ عدم إشراك الانتقالي الجنوبي في أيّة تحركات أو اتفاقات تهيّئ لعملية السلام يعطينا الحقّ في عدم التعامل أو القبول بنتائج تلك التحركات أو الاتفاقات، وهناك تفهم إقليمي ودولي لضرورة إشراك المجلس في أية ترتيبات تستهدف إيصال الجميع إلى عملية سلام شاملة، ونقولها مجدداً: “ما لم يشارك المجلس في تصميم إطار يوصل إلى مسار سلام فإننا غير ملزَمين بنتائج ذلك وما يترتب عليه”.
المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثيري
وبدوره، قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح؛ رؤيتنا هي التفاوض على أساس فكّ ارتباط الجنوب عن الجمهورية العربية بعد فشل مشروع الوحدة وتحوّلها إلى احتلال، والمجلس يحمل قضية شعب الجنوب ويطالب باستعادة دولته، وسيكون متمسكاً بهذه المطالب ولن يتخلى عنها، وعدا ذلك يمكن التواصل مع القوى اليمنية على تفاهمات واضحة حول مختلف القضايا؛ كأوضاع مواطني البلدَين لدى كلّ طرف والمصالح الاقتصادية المشتركة والعلاقات الثنائية.
وفد التفاوض المشترك
ونصّ اتفاق الرياض الموقَّع بين الانتقالي والحكومة اليمنية، عام 2019، برعاية سعودية، على أنّ “مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب الميليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني”، لكن بعد مضي ما يزيد عن عام ونصف يواجه الاتفاق عقبات كبيرة في تطبيقه على الأرض، حتى حكومة المناصفة، التي تشكلت طبقاً له، غادرت مدينة عدن، ولم تتوقف هجمات القوات الموالية للإخوان على أبين وشبوة، خاصة الأخيرة التي تشهد حراكاً كبيراً ضدّ الإخوان.
المتحدث باسم الانتقالي الجنوبي علي الكثيري لـ “حفريات”: ما لم يشارك المجلس في تصميم إطار يوصل إلى مسار سلام فإننا غير ملزمين بنتائج ذلك وما يترتب عليه
ورداً على سؤال حول التوافق مع الرئاسة على تشكيل وفد التفاوض المشترك، أجاب الكثيري؛ حتى الآن، لا يوجد أيّ توافق، فالطرف الآخر ما يزال يرفض استكمال تنفيذ الاتفاق.
وأكّد منصور صالح؛ أنّ الانتقالي جاهز للبدء في مناقشة مسألة تشكيل الوفد التفاوضي المشترك، بحسب ما نصّ عليه اتفاق الرياض، وأنّ وفد الانتقالي المفاوض أبلغ الأشقاء في المملكة، بصفتهم رعاة الاتفاق، بهذا الخصوص، لكن حتى هذه اللحظة لم يتم البدء بأيّ تشاور، وللأسف، ما تزال ما تسمى “الشرعية اليمنية” تحاول التهرّب من التزاماتها في هذا الجانب.
اتفاق الرياض
ولم تنجح الوساطة السعودية في تنفيذ اتفاق الرياض على الأرض، بسبب أطماع الإخوان في الجنوب، بعد أن هُزموا واستسلموا أمام الحوثي، الذي تقدّم على حسابهم مؤخراً في محافظة مأرب، بينما جلّ شغلهم كان توسيع سيطرتهم على المناطق المُحررة من الحوثيين، لا الأراضي التي يحتلها.
نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح
وحول ذلك، قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح؛ نعتقد أنّ اتفاق الرياض حزمة متكاملة ينبغي تنفيذها كاملة، دون قفز أو التفاف على بنود منها، لكن إذا توقفت الحرب قبل انتهاء تطبيق بنود الاتفاق، وكان لا بدّ من التفاوض حول مستقبل الجنوب واليمن فينبغي أن يتم تشكيل الوفد المشترك، وإن لم يحدث ذلك فإنّ المجلس سيطالب بالمشاركة بوفد مستقلّ، وفي حال عدم الاستجابة لهذا، وذهاب الأطراف اليمنية للتفاوض بينها، فإنّ المجلس لن يكون معنياً بأيّة نتائج تخرج عن هذه المفاوضات، طالما لم يمثل فيها الجنوب، بالتالي، لن تنفَّذ جنوباً.
ورأى المتحدث باسم الانتقالي، علي الكثيري؛ أنّ تشكيل وفد التفاوض المشترك خطوة أساسية ينبغي الشروع فيها استعداداً لعملية السلام المرتقبة، وأوضح أنّه رغم مطالب الاستقلال، التي لن يحيد عنها الانتقالي، فإنّ تطبيق اتفاق الرياض مرحلة انتقالية، ويمهّد الطريق نحو مفاوضات مثمرة بين الطرفين.
وكان الانتقالي الجنوبي قد أجرى، الأسبوع الماضي، تغييرات واسعة، شملت إدارة السياسية الخارجية ووفد التفاوض حول اتفاق الرياض، وفسّر الكثيري هذه الخطوات قائلاً إنّه “لا علاقة لها بالجهود الدولية المكثفة حول اليمن، بل تأتي في إطار ترتيب هيئات ودوائر المجلس وتعزيز فعاليتها”.