عاجل ومباشر الآن: انهيار سعر “الدولار” الأمريكي عالميا نتيجة موجة العنف التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية.. وخبراء اقتصاد يتوقعون انهيار السوق المالي العالمي
– فري بوست- خاص
تسببت أحداث العنف والقتل التي تشهدها العاصمة الأمريكية واشنطن اليوم الأربعاء بين انصار الرئيس ترامب والشرطة الامريكية في الكونجرس، بانخفاض خاد للدولار الأمريكي عالميا بنسبة 30% وفقا لخبراء اقتصاد.
وكان بروفيسور أمريكي مرموق أكد أن أيام الدولار الأمريكي باتت معدودة، استنادا على معطيات هامة تتعلق بمدخرات الأمريكيين والاستثمارات وجائحة “كورونا”.
ففي مقالة نشرها موقع “بلومبرغ” الأمريكي، للبروفيسور ستيفن روتش، بعنوان “انهيار الدولار قادم”، حذر من خلالها من انهيار الدولار، متحدثا بها عن أسباب الانهيار والحلول البديلة للدولار.
فبحسب رأي عضو هيئة التدريس في جامعة ييل، الرئيس السابق لمورغان ستانلي آسيا، فإن الدولار كان يعاني بالأصل من مشاكل تتعلق بالمدخرات الوطنية الأمريكية إلى جانب جائحة “كورونا” والاحتجاجات التي رافقت مقتل فلويد وصولا للخلاف مع الصين، الأمر الذي يعجل من الوصول إلى نقطة انهيار العملة الأمريكية.
فحتى مستويات المعيشة الأمريكية معرضة للضغط بشكل لم يظهر في السابق، نتيجة لجائحة “كورونا” والتي تخلق نوعا من الشك حول قوة العملة والتي يحددها عاملان أساسيان يتعلقان بالأساسيات الاقتصادية المحلية وثقة الدول الأجنبية بقوة العملة من أجل الاستثمار.
وبحسب تصريحات روتش، فإن جذور المشكلة تعود لعام 2020، حيث انخفض حجم المدخرات الأمريكية الوطنية إلى 1.4% من الدخل القومي، ويمثل ذلك أقل انخفاض منذ أواخر عام 2011، وخُمس المعدل 7% من عام 1960 إلى 2005.
مضيفا بأن جائحة “كورونا”، والأزمة الاقتصادية التي أحدثها، قد يصلان بالتوتر الموجود أصلا بين الادخار والحساب الجاري إلى نقطة الانهيار.
بالإضافة للحرب التجارية مع الصين والتي لن تمول العجز الادخاري الأمريكي، فمن سيكون البديل؟ في حال توقفت الصين عن شراء السندات الأمريكية، في الوقت الذي بدأت فيه بكين تفكر جديا بشأن تخفيض استثماراتها في سندات الخزينة الأمريكية.
وتوقع الكاتب ستيفان رواتس في مقال بمجلة “بلومبيرغ” الأمريكية انهيار سعر الدولار بنحو 35 بالمئة، معددا عوامل هذا الانهيار، والتي تكشفت أكثر من أي وقت مضى مع الأزمة الاقتصادية المصاحبة لجائحة كورونا.
ويرى رواتس أن عهد “الامتياز الاستثنائي” للدولار وصل إلى نهايته. مشيرا إلى أن هذا التعبير صكه وزير المالية السابق لفرنسا، فالريه جسكار دستان في الستينيات، حينما عبر عن “خيبة أمله من أن الولايات المتحدة تستغل كل العالم من أجل تأييد مستوى الحياة العالي فيها”.
ويقول: “طوال قرابة ستين سنة العالم اشتكى ولم يفعل أي شيء. الآن هذا الأمر تغير”.
ويلفت إلى أنه وتحت ضغط وباء الكورونا فإن مستوى الحياة في الولايات المتحدة يعاني من “ضغط لم يشهده من قبل”. مضيفا: “تثور شكوك جدية في العالم بخصوص الافتراض المقبول بأن الولايات المتحدة هي أمة استثنائية في تميزها”.
التوقع: انهيار الدولار 35 في المئة
ونظرا لأن “العملة هي أداة تحدد التوازن بين قوتين، أسس الاقتصاد المحلي، وقوة الدولة وفق ما يراها الأجانب”. فإن هذا التوازن يتغير الآن والنتيجة هي “تحطم محتمل للدولار يصل إلى 35 في المئة من السعر الحالي”. وفق ما قاله الكاتب وبرهن على ذلك بعدة عوامل:
العامل الأول: لا يوجد توفير (ادخار)
بذور مصيبة الدولار تمت زراعتها قبل الوباء، بالتوفير المنخفض في الولايات المتحدة. صافي التوفير الوطني الذي يشمل العائلات والمصالح التجارية والحكومة انخفض إلى 1.4 في المئة من الدخل الوطني في الربع الأول من العام 2020، وهو المستوى الأدنى في نهاية 2011، والخامس من متوسط 7 في المئة في 1960 وحتى 2005.
العامل الثاني: حساب عجز جاري
غياب التوفير (الادخار) المحلي ومع رغبة الولايات المتحدة في الاستثمار والنمو جعلها تعتمد بدرجة كبيرة على دور الدولار كعملة احتياطي للعالم، وتعتمد على المدخرات الفائضة من الخارج، أي أن فائض التوفير في دول أخرى مول هذا، ومكن الولايات المتحدة من جسر الفجوة.
ولكن كان لذلك ثمن: من أجل سحب رأسمال أجنبي فإن الولايات المتحدة خلقت عجزا في حسابها الجاري الذي يتكون من الميزان التجاري، وهو أوسع مقياس للتجارة لأنه يشمل الاستثمار، في كل سنة بدءا من عام 1982.
العامل الثالث: العجز في الميزانية سيرتفع
وباء الكورونا والأزمة الاقتصادية زادا التوتر بين التوفير والحساب الجاري إلى درجة الانهيار. النظام الذي يربط بينها هو عجز حكومي ضخم. حسب تنبؤات مكتب الميزانية في الكونغرس فإن العجز في ميزانية الحكومة الفيدرالية سيصل إلى ذروة تبلغ 17.9 في المئة من الناتج الإجمالي لعام 2020، قبل أن يتراجع حسب التوقعات إلى 9.8 في المئة في 2021.
جزء كبير من الدعم للميزانيات الذي وفرته الإدارة في فترة الأزمة ساعد العمال العاطلين عن العمل في أمريكا على زيادة التوفير. وهذا حسن بشكل مؤقت صورة التوفير الوطنية.
ولكن بيانات وزارة المالية الشهرية تظهر أن الزيادة في عجز الميزانية يتجاوز بكثير الزيادة في التوفير الشخصي. العجز في أبريل/نيسان كان أكبر بستة أضعاف تقريبا من العجز في الربع الاول، و50 في المئة أكثر من الزيادة في التوفير الشخصي في الشهر ذاته.
التوفير سيهبط أكثر
بكلمات أخرى، ضغط سلبي شديد يبنى الآن على التوفير المحلي. إذا اعتمدنا على الوضع في الأزمة المالية في العام 2008 حيث أن التوفير الإجمالي هبط إلى ما تحت صفر للمرة الأولى وسجل متوسط سالب 1.8 في المئة من الدخل الوطني بين الربع الثالث في 2008 والربع الثاني في 2010، فإن هبوطا أكثر حدة متوقع الآن. وربما يصل إلى سالب 5 بالمئة أو 10 بالمئة.
ما الذي يزيد السقوط؟
التراجع الكبير في التوفير (الادخار) يشير إلى اتساع كبير في العجز في الحساب الجاري، بحيث يصبح أكثر عمقا من قاع سالب 6.3 في المئة الذي سجل في 2005.
ورغم أن مكانة الدولار كعملة فوائض، إلا أنه لم يحصل على الحماية في ظروف كهذه. والسؤال هو فقط ما الذي سيشعل السقوط؟
إدارة فاشلة
الجواب يوجد في الإدارة الأمريكية. سياسة التجارة الحمائية، الانسحاب عن أركان العولمة مثل اتفاق المناخ في باريس، واتفاق التجارة العابرة للمحيط الهادئ، منظمة الصحة العالمية وأحلاف أخرى مع أوروبا، إدارة فاشلة لمعالجة وباء الكورونا، وعدم استقرار اجتماعي مؤلم لم يشهد له مثيل منذ الستينيات، كل ذلك تعبيرات ظاهرة للعيان على تراجع الولايات المتحدة من موقع القيادة العالمية.
الاعتراف بالفشل سيأتي قريبا
كلما انحصرت الأزمة واستقرت الاقتصادات، على أمل أن يحدث هذا في بداية 2021، فإن الاعتراف بفشل الولايات المتحدة سيتبين في موازاة السقوط في التوفير المحلي.
ويشير الكاتب إلى ثلاثة تداعيات رئيسية لذلك:
السقوط الحاد (انخفاض) للدولار سيؤدي إلى التضخم، وهذا أمر مرحب به تماما إذا أخذنا في الحسبان الانكماش الحالي. ولكن في ظل وجود نمو اقتصادي ضئيل بعد الكورونا، فإن ذلك سيثير مخاوف جديدة من حدوث حالة ركود وتضخم معا. وهذا اندماج خطير لنمو ضعيف وارتفاع في الأسعار، الأمر الذي يعني حدوث كارثة على الاقتصادات والأسواق.
وأيضا، سياسات التجارة ستؤدي إلى اتساع العجز التجاري في الولايات المتحدة، لا سيما أمام الصين. عدا التجارة مع دول أخرى، غالية أكثر، سيشكل ضريبة ثقيلة على المستهلكين الأمريكيين الموجودين أصلا في وضع صعب.
ويضاف لذلك، قطع العلاقة مع الصين يعرض مصدر الاستثمار الرئيسي للولايات المتحدة للخطر. فمن سيمول عجز التوفير (الادخاري)، الذي يتغذى الآن على الاستثمارات الاجنبية، والجزء الأكبر منها استثمارات صينية. وماذا سيكون تأثير ذلك على نسبة الفائدة؟
ويختم بالقول: “مثل الكورونا والاحتجاج العرقي، فإن سقوط الدولار القوي سيضع محل تساؤل قيادة الولايات المتحدة لاقتصاد العالم. وهذا الامتياز الاستثنائي لن يبقى بدون مبرر إلى الأبد”.
ووفقا لأحدث التقديرات لبنك أتلانتا الاحتياطي الفدرالي، سينخفض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 41.9%. ولن ينجو جزء كبير من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم من الحجر الصحي الحالي، حتى مع وضع جميع برامج المساعدة الحكومية في الاعتبار، ويتحدث الأطباء بالفعل عن موجات ثانية وربما عديدة من الوباء. في الوقت نفسه يعترف المزيد من الاقتصاديين، وحتى المسؤولين، أن الركود لن يكون على شكل حرف V بالإنجليزية، أي هبوط ثم زيادة حادة، وإنما على شكل حرف L، أي سقوط ثم ركود طويل.
لقد تضاعفت البطالة إلى أكثر من ثلاثة أضعاف لتصل إلى 14.7%، ومن المرجح أن تستمر في النمو لبعض الوقت على الأقل.
كذلك انفجر عجز الموازنة الأمريكية، ووفقا للتوقعات قد يقترب من 4 تريليونات دولار هذا العام، وهذا إذا لم تضطر البلاد إلى فرض حجر صحي جديد قرب نهاية العام. كل ذلك يجبر الاحتياطي الفدرالي على طباعة دولارات غير مغطاة بكميات لا تصدق، وبسرعة مذهلة. وعلى مدى العامين الماضيين، بلغ حجم الدولارات المتداولة الضعف تقريبا، وأثناء شهري الربيع بعد انهيار مارس، ارتفعت القاعدة النقدية للاحتياطي الفدرالي (حجم الدولارات المتداولة) بمقدار 2.8 تريليون دولار، لتصل إلى 7 تريليون دولار. إنه ذات النهج الذي سارت عليه الأرجنتين وفنزويلا وزيمبابوي وغيرها من البلدان التي عانت من التضخم المفرط من قبل. بالطبع، فإن مخزون قوة الدولار، كعملة عالمية أكبر، لكن هذا قد يؤجل انخفاضه فحسب، لكنه لن يمنعه.
لقد خفف هذا التدفق من المال من الكارثة الاجتماعية مؤقتا وجزئيا، كما أنه أعاد مرة أخرى سوق الأسهم إلى ذروتها، لكن كما يحدث دائما، أصبح الأغنياء أكثر ثراء، على خلفية فقر الفقراء، واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، وازدياد التفسخ الطبقي. لم تعد سوق الأوراق المالية تعكس الواقع هي الأخرى، وتوقفت عن أداء وظيفتها. لقد ماتت الرأسمالية في الولايات المتحدة الأمريكية.
يحدث كل ذلك بالتوازي مع تغيّر كبير للصورة الديموغرافية والعرقية بين سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يؤدي فعليا إلى تغير في توازن القوى السياسية، حتى أن الحزب الديمقراطي يمكن أن يحصل على السيطرة الكاملة على مجلسي البرلمان الأمريكي هذا الخريف.
إن المجتمع الأمريكي يعاني اليوم من انقسام شرس غير مسبوق، وهو ما يعكس مواجهة بين فئات تختلف فيما بينها على أساس العرق والخلفية الاجتماعية. وانتخاب بايدن، يعبّر عن مصالح الأمريكيين البيض المحافظين بأي ذريعة مختلقة. يتزامن ذلك مع فقدان البيض لأغلبيتهم المطلقة، على الأقل بين الفئة الأكثر نشاطا تحت سن 50-60 عاما، أي أن الانقسام حول قضية عزل الرئيس سوف يمس كل الحدود التي تقسّم المجتمع الأمريكي، وعلى رأسها التقسيم العرقي. هكذا تبدأ الحروب الأهلية والعرقية، ولا حاجة للتذكير بأن سكان الولايات المتحدة مدججون بالسلاح.
كل هذا سوف يحدث على خلفية أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وأكبر انخفاض في مستوى معيشة الأمريكيين على مدى عدة أجيال، أي أن درجة السخط الاجتماعي سوف تكون عالية جدا، وسيصبح الكثير من المواطنين الأمريكيين على أتم استعداد للاحتجاج أو المشاركة في المواجهات.
ليس هناك ما يضمن أن تجري الأحداث على هذا النحو، لكنه أحد السيناريوهات الواقعية المحتملة.
ماذا يحدث لو أدى الرئيس الأمريكي جو بايدن اليمين الدستورية؟
لن تصبح الأزمة الاقتصادية الأمريكية أقل عمقا، ولن تصبح الاحتجاجات أقل اتساعا، لكن المحافظين البيض سيحاولون الانتقام لا على مستوى الدولة، وإنما على مستوى الولايات أو الجمعيات أو حتى بالنزعات الانفصالية. على أي حال، ستمر الولايات المتحدة الأمريكية بأعمق أزمة للنظام هذا الخريف، ويمكن حتى أن تستمر فترة أطول من الركود الاقتصادي، ولا أحد يمكنه الجزم بما إذا كانت ستستطيع الخروج من هذه الأزمة على نفس الشكل الذي دخلت به فيها أم لا.