سحب عشرات الملايين بتوجيهات رئيس المحكمة الإدارية.. مستحقات طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة ذهبت أدراج الرياح
– فري بوست- متالعات
كل دول العالم تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة أو “أصحاب الهمم” ولأن بلادنا وضعها استثنائي فحتى الفساد مختلف، ولكن المؤسف بأن يتم نهب أموال الصندوق وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يفترض أنهم يحفظون حقوقهم ويدافعون عنها.
وأكدت وثائق، تم العثور عليها، بأن صندوق رعاية وتأهيل المعاقين شهد فسادًا تجاوز ستين مليون ريال، بطرق عبثية ومخالفة للقانون، من قبل القائم بأعمال رئيس صندوق رعاية وتأهيل المعاقين السابق محمد قائد الشاعري، رغم أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال أصدرت بحقه إيقافًا عن العمل وإحالته للتحقيق، بقرار رقم 25 لسنة 2019م لعدة أسباب، أبرزها: تسريب وثائق رسمية ونشرها، والتحريض على التدخل في عمل الوزارة، وعدم تسليم العمل للمدير التنفيذي، ورفض التوجيهات الصادرة من رئيس مجلس الإدارة. لكنه لم يتوقف عن العمل ولم يسلم العمل للمدير المعين بقرار من رئيس الوزراء نزار علي الجاوي، حيث تم تعيينه مديرا عاما للصندوق عام 2017م، وكان له الفضل الأول بعد الله في تأسيسه الصندوق من الصفر وتحويل مركزه الرئيسي إلى عدن بدلا من صنعاء، وبشهادة الكثير فقد حقق إنجازات رائعة، إلا أنها حصلت له ظروف قهرية منها مرض والده، وطلب إعفاء من العمل، ولكن بعد خروجه عن العمل تغيرت الكثير من حيثيات الصندوق وساء العمل فيه مما دفع بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل على الإصرار على عودته وإصدار قرار بعودته من رئيس الوزراء الدكتور معين عبدالملك، إلا أن قرار دولة رئيس الوزراء لم يجد قبولا عند القائم بالأعمال حيث رفض التسليم ولم يسمح له بالدخول إلى مقر صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الكائن في مديرية المنصورة.
فساد موثق
بحسب الوثائق التي تحصلت عليها “الأمناء”، فأن هناك عشرات الملايين سُحبت بتوجيهات من قبل رئيس المحكمة الإدارية القاضي خليل عبداللطيف، وبتوقيع محمد قائد الشاعري فقط، وهذا مخالف للقانون، حيث أن الكل يدرك بحسب القوانين والإجراءات المالية واللوائح المتبعة والمعمول بها بأنه لا يستطيع المدير العام أو من ينوبه صرف الشيكات بتوقيع واحد، أي توقيعه فقط، فمن الضروري وجود توقيع المدير المالي والمصادقة على الإجراءات المالية والتقييد في السجلات المالية وأيضا مراجعة وفحص مدير المراجعة الداخلية ومصادقة رئيس مجلس الإدارة في الصندوق، وبعد استيفاء كل هذه الخطوات يتم السحب، ولكن ما حدث لم يكن سوى توجيهات رئيس المحكمة الإدارية وتوقيع القائم بأعمال مدير عام الصندوق السابق محمد قائد الشاعري، وتم سحب أكثر من 37 مليون ريال مرتبات الموظفين والمعاقين ومستحقات جمعيات المعاقين بتاريخ 7 يوليو 2020، إلا أنه وبحسب التقرير الذي أعده مدير إدارة المراجعة الداخلية أياد علي محمد طحبر، ومدير الشؤون المالية لصندوق المعاقين محمد سعيد عبدالقيوم، والذين بعثوا به إلى معالي وزير الشؤون الاجتماعية والعمل رئيس مجلس إدارة صندوق رعاية و تأهيل المعاقين أشاروا فيه إلى أنهم وجدوا وثائق تثبت وجود صرف من أموال الصندوق مخالفة للقانون، وحدوث خروقات وتجاوزات مالية تجاوزت 16 مليون ريال، وتم تفصيلها في التقرير على النحو التالي: قيام القائم بأعمال مدير الصندوق سابقا محمد قائد بتجميد صرف مستحقات عدد من الموظفين، أبرزهم: رئيس مجلس الإدارة والمستشار والمدير المالي، ومدير المراجعة الداخلية، ومدير فرع الصندوق بعدن، بإجمالي شهري قدره ( 919,060) ريالا، وبإجمالي الفترة من أبريل- يوليو 2020 م بمبلغ ( 3,676,240) ريالا.
إضافة إلى ( 11مليون و 371 ألفًا و 340 ريالًا) صرفها تحت مسمى رواتب موظفين خلال الفترة من ديسمبر 2019 وحتى مارس 2020م، رغم أنه يدرك بأن الموظفين استلموا رواتبهم خلال تلك الفترة، وبعد التأكد من مصرف الكريمي تم العثور على وثائق تؤكد أن المبلغ لم يرسل لأي موظف باستثناء محمد قائد الذي راتبه لا يتجاوز مائتي ألف ريال، إلا أنه وبحسب كشف التحويلات عمل لنفسه أكثر من 580 ألف ريال، أما المسؤول المالي الأخ حلمي حسين سلام والذي راتبه لا يتجاوز مائة ألف ريال فقد تم تحويل له من حساب الصندوق أكثر من مليون وتسعمائة ألف عن الأشهر منذ ديسمبر 2019 وحتى يوليو 2020م، وكذا قام بزيادة مستحقات الصندوق الشهرية عن المبلغ المعتمد بمبلغ (485 ألفًا و 328) ريالًا شهريا، وإجمالي الزيادة عن الفترة منذ أبريل حتى يوليو 2020م قدرها مليون و 941 ألفًا و 312 ريالًا.
وذكر التقرير بأن محمد قائد قام بصرف مستحقات الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة للفصل الأول للعام الدراسي 2020 م بمبلغ وقدره 18 مليون و 975 ألف ريال، بالمخالفة للإجراءات الإدارية المتبعة والمعمول بها منذ إنشاء الصندوق، حيث يقع على عاتق فروع الصندوق استلام وثائق الطلاب ومراجعتها ومن ثم رفع ذلك للمركز الرئيسي لإقرار الصرف، إلا أن عملية الصرف تمت دون الرجوع إلى الفروع ودون معرفة عدد المستفيدين وصحة البيانات وقانونية الصرف، مع العلم بأنه قد تم صرف مستحقات الطلاب للفصل الأول للعام الدراسي 2020م وفقا للقانون ومراجعتها من قبل الوزارة وتم الصرف لـ 162 طالبا بمبلغ إجمالي 7 مليون و 700 ألف ريال، بالإضافة إلى قيامه بصرف تكاليف خدمات طبية لمستشفى البريهي بمبلغ إجمالي وقدره 4 مليون و 371 ألفا و 670 ريالا دون معرفة تفاصيل وصحة استحقاق هذه المبالغ ولم تتم الإجراءات عبر الفرع على غرار مستحقات الطلاب.
إجراءات استباقية
رغم أن وزير الشؤون الاجتماعية، الدكتورة ابتهاج الكمال، قد بعثت إلى دولة رئيس مجلس الوزراء د.معين عبدالملك في 12 مايو 2020م بشأن تجميد حساب صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، جاء فيها: “نظرا لما تقتضيه المصلحة العامة وحفاظا على المال العام وعدم إعطاء فرصة للعبث بأموال الصندوق واستغلال الوضع الراهن لتمرير أي صرف مشبوه من حساب الصندوق، فإننا نرجو التوجيه للبنك المركزي بتجميد حساب الصندوق ومنع الصرف من الحساب المذكور حتى يتم حل الإشكاليات الإدارية الموجودة بالصندوق”.
استجاب دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور معين عبدالملك لطلب الوزيرة، وبدوره أصدر توجيهات إلى وزير المالية مرفقا صورة من رسالة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، وتم خلال الرسالة التوجيه بتجميد حساب الصندوق حسب مقترح الوزيرة، ولم ينتهي الأمر هنا بل بعث وزير المالية سالم صالح بن بريك رسالة إلى محافظ البنك المركزي جاء فيه: “عطفا على توجيهات دولة الأخ رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 16 مايو 2020م المتضمنة تجميد حساب صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بموجب طلب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، ولما تقتضيه المصلحة العامة حفاظا على المال العام، وعليه يتم تجميد حساب صندوق رعاية وتأهيل المعاقين وإيقاف السحب”.
اعتقد الجميع بأنه بعد هذه المراسلات الحكومية والتوجيهات الصارمة والصريحة بتجميد الحساب حتى يتم حل الإشكالية لن يتم سحب ريال واحد من أموال الصندوق، ولكن تم رمي كل هذه التوجيهات خلف الحائط وسُحبت عشرات الملايين من حساب الصندوق بقرار من رئيس المحكمة الإدارية القاضي خليل عبداللطيف، حيث وجه برسالة إلى محافظ البنك المركزي بصرف ( 37 مليون و 563ألف و 840 ريال) بصورة مستعجله رواتب الموظفين والمعاقين ومستحقات جمعيات المعاقين، واعتبار الأخ محمد قائد الشاعري هو المدير التنفيذي لتسيير أعمال الصندوق وصرف كل الالتزامات المالية لنشاط الصندوق من مرتبات ومستحقات المعاقين والجمعيات وغيرها وفق أحكام وقرارات المحكمة الإدارية، مما أتاح الحكم لمحمد قائد التصرف بكل حرية والسحب من الحساب دون رقيب أو حسيب رغم أن الكل يدرك بحسب القوانين والإجراءات المالية واللوائح المتبعة والمعمول بها بأنه لا يستطيع المدير العام أو من ينوبه صرف الشيكات بتوقيع واحد، أي توقيعه فقط، فمن الضروري وجود توقيع المدير المالي والمصادقة على الإجراءات المالية والتقييد في السجلات المالية وأيضا مراجعة وفحص مدير المراجعة الداخلية ومصادقة رئيس مجلس الإدارة في الصندوق، وبعد استيفاء كل هذه الخطوات يتم السحب، ولكن ما حدث لم يكن سوى توجيهات رئيس المحكمة الإدارية وتوقيع القائم بأعمال مدير عام الصندوق رغم أنه قد صدر بحقه توجيهات بإيقافه عن العمل وإحالته للتحقيق إلا أنه ما زال يمارس عمله ومهامه بشكل طبيعي.
الامناء