نازحة بمارب تكشف حقيقة “الاستدعاءات الليلية” وتطالب بالانتصار لشرفها وسمعة الأمن
فري بوست- خاص
“حنا نازحين وما عاد معنا شيء إلا شرفنا ياخوي” بهذه العبارة بدأت احدى الفتيات النازحات في مارب حديثها عن حقيقة ما اثير بشأن تعرض النازحات لمضايقات رجال الامن واستدعائهن ليلا بدعوى التحقيق معهن.
الفتاة ذات العشرين ربيعا، نزحت إلى مارب مع شقيقاتها ووالدتها من محافظة الجوف عقب اقتحام الحوثيين لها، مطلع العام الجاري، وقالت: “وجدنا في مارب كل التقدير والاحترام من قبائلها الكرام ورجال الامن، ولكن ..”.
وأضافت: “بعض رجال الامن، يضايقون الحريم ويسيئون لنا وللبدلة العسكرية وشرف وسمعة قوات الجيش والامن الشرفاء والابطال”. وأردفت: “ويش يبقى للبنت إذا مست سمعتها بأي شكل وصارت لبانة بألسن الناس؟!!”.
الفتاة النازحة، التي توسلت “الاول برس” عدم نشر اسمها أو تسجيل المكالمة معها، مضت تقول، وهي تبكي: “انا مقهورة وما أقدر أنام قريرة العين. الكل حولي يشوفوني بنظرات شك رغم ثقتهم بي وأخلاقي وناموسي”.
وتابعت: “لا سامح الله من كان السبب. ليش يعملوا بنا هذا، ما معهم حريم وبنات؟!!”. مردفة: “يا خوي، هؤلاء ما عندهم ناموس ولا شرف، يطلبونا اخر الليل للتحقيق، ما هي مرة ولا ثنتين، مرات كثيرة يطلبونا ياخوي”.
لم تفصح الفتاة النازحة، عمّا حدث في استدعائها للتحقيق. لكنها أمام الحاحنا عليها وتأكيدنا ان حديثها سيسهم في وقف المتمادين عند حدهم، قالت: “يطلبونا مثل المجرمين وما ادري وشوه ولما نوصل يتسلون بنا”.
مضيفة: “حنا مساكين ما معانا رجال، اخواني الاثنين استشهدوا في معارك مع الحوثة، وابوي متوفي له سنتين، واثنين اعمامي ربنا تولاهم، وبيتنا ومزرعتنا دمرتهم الحرب، وما معانا إلا شرفنا وكرامتنا” وتجهش بالبكاء.
أخذت الفتاة نفسا عميقا، وأطلقت تنهيدة حرى، لها وقع الطعنة في سامعها، وتابعت: “ما اقدر اتكلم، القهر يمنعني والله، ما أقدر انطق بشي، يكفي اقول لك ان الذي صار ويصير معنا ما يرضاه أي حر على حريمه”.
بعد محاولات التهدئة من روعتها، وتأكيد أنها عرض جميع اليمنيين الاحرار، والالحاح في محاولة التحقق من طبيعة ما تعرضت له في الاستدعاءات، قالت: “اهانة واذلال وتعريض بالشرف واشياء ماودي اقولها ولا بقدر”.
وعند طلب اخبارنا باسماء من استدعوها واختها اكثر من مرة ليلا بدعوى التحقيق معهن، لوضع حد لأفعالهم، بكت وهي ترفض الافصاح عن اي اسم، وقالت: “ياخوي ما هم كلهم، البعض منهم هم سياس الامن وسوسه”.
مضيفة: “ما اتكلم على كل رجال الامن، عز الله ان اكثرهم رجال ما تتقدر، وعندهم ناموس وقبيلة، اتكلم على بعض ما عندهم نخوة ولا مروءة ويشوهون بسمعة امننا، والمشكلة انهم بالعالي، يأمرون ويطاعون من الكل”.
والثلاثاء، تداول ناشطون يمنيون، على مواقع التواصل الإجتماعي، وثيقة رسمية وُصفت بالخطيرة، تتضمن بلاغا صادرا من الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة مأرب إلى المحافظ الشيخ سلطان العرادة.
رسالة البلاغ، المؤرخة بتاريخ 3 سبتمبر الجاري، والمرفوعة أيضاً لمدير امن مارب، حملت عنوانا: “استمرار شكوى اسر النازحين بالمخيمات من تصرفات الامن وتجاوزاتهم بالاستدعاءات الليلة للنساء بشكل متكرر”.
وقالت وحدة مخيمات النازحين: “نود احاطتكم بتلقينا شكاوى عديدة من أسر النازحين بشأن تعرضهم لمضايقات من رجال الامن وتعرض العديد من النساء إلى الاستدعاءات الليلية بحجة التحقيقات وما يسمى بإجراءات امنية”.
مضيفة: “نوكد أن هذه الاجراءات (استدعاء النساء) تشكل قلقا كبيرا لدى الأسر النازحة وتعتبر الاستدعاءات الليليلة للنساء اساءة إلى الأعراض ومس بالكرامة وقد تسببت بعودة الكثير من النازحين إلى مناطق الانقلابيين”.
بلاغ وحدة إدارة مخيمات النازحين أكد انتفاء حجة الاستدعاء، وقالت: أن الاستدعاءات الأمنية للنساء النازحات تتم “رغم ان الجهات قد حصلت على كافة البيانات والعريفات المطلوبة من النازحين في فترات سابقة”.
وتابع: “كما نذكركم بأنه تم إبلاغكم سابقا واشعار مكاتبكم ولمرات عديدة بشأن هذه المخالفات التي يمارسها رجال الامن وعلى رأسهم حماية قائد القوات الأمنية الخاصة!”. منوهة بإرفاق 19 شكوى خطية لأسر النازحين.
تسريب وثيقة البلاغ، جاء بعدما كان ناشطون تناولوا استدعاء النساء النازحات ليلا للتحقيق، وتناقلوا تصريحا لأحد مشايخ عبيدة يتهم “حراسة أبو محمد الشعلان، قائد القوات الخاصة في مأرب، باصطحاب فتيات ليلا بدعوى التحقيق”.
وأثار نشر الوثيقة، غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وطالب الناشطون سلطات مأرب ممثلة بالشيخ سلطان العرادة بـ “توضيح فوري وعاجل واتخاذ إجراءات حاسمة ورادعة تجاه المتورطين في هذا الفعل الذميم والعيب الأسود بحق نساء وحرائر اليمن”.
من جهتها، أكدت مصادر في السلطة المحلية بمحافظة مارب، الاربعاء، صدور توجيهات عاجلة من قيادة المحافظة بتشكيل لجنة تحقيق في شكوى تعرض النساء النازحات لمضايقات من رجال امن واستدعائهن ليلا بدعوى التحقيق معهن.
وقالت المصادر: “مثل هذا عيب اسود يخالف الاعراف القبلية وينافي احكام الشريعة، ولن يقبل به أحد، وسيعاقب المتورطون باشد العقوبات فور انتهاء التحقيقات، فهناك رد أولي من ادارة الامن تؤكد أن تفقد مخيمات النازحين اجراء طبيعي”.
مضيفة: “رجحت قيادات امنية وقوع التباس وسوء فهم، وأفادت أن منتسبي دوريات الشرطة (الامن العام) في سياق مهماتهم الليلية يتفقدون مخيمات النازحين والنازحات من باب التعقيب الامني، ولكن يبدو أن هناك لبس وسوء فهم قد حدث”.
وتابعت: “هناك من أفاد أن عددا من افراد الامن كانوا يحرصون بدافع انساني على امداد مخيمات النازحين والنازحات بما يفيض عن حاجتهم من وجبات العشاء، كوجبة اضافية للنازحين والنازحات، ولعل لبسا وسوء فهم حدث، حيال هذا”.
يشار إلى أن “عدد النازحين إلى مارب منذ مطلع العام الجاري وصل إلى أكثر من 40 ألف شخص في ظل اوضاع انسانية صعبة” حسب وزير حقوق الانسان في الحكومة الشرعية محمد عسكر في حديث لصحيفة “الشرق الاوسط” السعودية.