شاهد هذا الموضوع -الهدنة القاتلة.. رائحة الكوكايين تفوح من مبادرة زيلنسكي ورعاته!- عبر موقع فري بوست والآن الى تفاصيل الموضوع
بيد أن ما اتفق عليه في هذا اليوم في كييف كل من زيلينسكي ورعاته الغربيين لم يكن إلا مبادرة تشتمل علىلغة الإملاءات والإنذار المبطن. الرئيس الفرنسي ورئيسا وزراء بريطانيا وبولندا، ومعهم المستشار الألماني، دفعوا الرئيس الأوكراني للإعلان عن قبوله بهدنة تستمر ثلاثين يوماً مع الموافقة على الجلوس إلى طاولة الحوار مع الجانب الروسي.
مقترح زيلينسكي، الذي تفوح منه رائحة أوروبية كريهة معشقة بالكوكايين، أصبح محورًا أساسيًا للنقاش ليس على الصعيد الإعلامي فحسب، بل وعلى الصعيد السياسي. والجميع أصبح ينتظر رد الرئيس بوتين على مقترح زيلينسكي ليلا بعد نهاية لقاءاته الثنائية والأخيرةكافة مع القادة الذي قدموا إلى موسكو لمشاركة روسيا احتفالاتها بعيد النصر.

غير أن موسكو تدرك تماما أن صقور الحرب الأوروبيين يريدون من جديد وبأي ثمن أن يكونوا جزءاً من أي عملية تسوية سياسية مقبلة بعد أن حجَّمهم الرئيس ترامب، وبعد أن رفض الرئيس بوتين أي جهود لهم. بعدما أصبحوا شركاء مباشرين لزيلينسكي، يدعمونه بمختلف أنواع الأسلحة ومشاركة مستشاريهم في قيادة المعارك على جميع الجبهات.
كان الأوروبيون على ثقة من أن مبادرتهم ستحرج الرئيس بوتين ، ولا سيما أنه هو الذي تحدث أولا عن موافقته على التفاوض من دون شروط مسبقة. غير أنهم لا يعرفون أن هذا الأمر لا يجدي نفعا مع بوتين، الذي لم يعتد على سياسة الإملاءات والإنذارات، والذي لن يقبل بعد اليوم أي مبادرات لا تحقق مطالب روسيا، التي كانت قد أعلنتها منذ بدء العملية العسكرية الخاصة. ذلك، فضلا عن أن القوات الروسية التي تمتلك الآن المبادرة على جميع الجبهات، وتتقدم في عمق الأراضي الأوكرانية، لن تتوقف لكي تمنح الجيش الأوكراني فرصة لإعادة التموضع والحصول على مزيد من السلاح. وهو ما يبدو من خفايا هدنة الثلاثين يوماً التي أرادها الأوروبيون.

كذلك، فإن بوتين لم يحصل حتى منتصف الليل على ضمانات تتعلق بهدنة الثلاثين يوماً، وفي مقدمتها:
1. تخلي صقور الحرب الأوروبيين عن تقديم السلاح خلال فترة الهدنة.
2. التراجع عن فكرة نشر قوات أوروبية على خطوط التماس في المستقبل.
3. غياب أي وثائق تشير إلى رفض فكرة دعم أوكرانيا للحصول على عضوية الناتو.
وفي ذلك اليوم كان يجب على بوتين أن يقول كلمته الفصلويضع حدًّا للمراوغات الأوروبية.
ولذا، أصبح المشهد أكثر غموضًا؛ ما هو الرد الروسي، وخاصة بعد قرار إدارة الرئاسة الروسية دعوة ممثلين عن وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية إلى مؤتمر بوتين الصحافي.
الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف جعل المشهد أكثر تعقيدًا عندما خرج للصحافيين بعد منتصف الليل ليقول إن مؤتمر بوتين سيقتصر على إعلان فقط، ولن تكون هناك أسئلة للصحافيين.
بيد أن هذا التوتر انتهى عند الساعة الواحدة وثمانٍ وثلاثين دقيقة بعد منتصف الليل، عندما بدأ بوتين كلامه بالاعتذار من الجميع على التأخر، شاكراً جميع من شارك الشعب الروسي احتفالات عيد النصر بمناسبة الذكرى الثمانين للنصر في الحرب الوطنية العظمى، وخص بالشكر قوات ثلاث عشرة دولة خطت مع القوات الروسية في الساحة الحمراء.
لكن بوتين جاء ليقول كلمته بما قدمه زيلينسكي والأوروبيون حول هدنة الثلاثين يوماً، مذكراً إياهم بأن روسيا هي من بادرت وأعلنت عدة مرات وقف إطلاق النار، وأن الجانب الأوكراني هو الذي قوّض هذه المبادرات، وأن كييف انتهكت مئة وثلاثين مرة مبادرة وقف القصف على البنية التحتية لمنشآت الطاقة المعلنة لمدة ثلاثين يوماً. كما أنها انتهكت هدنة عيد الفصح زهاء خمسة آلاف مرة. ولم يصدر عنكييف أي رد فعل على المقترح الروسي لهدنة عيد النصر. أما في أيام هذه الهدنة، فنفذت قوات كييف خمس محاولات للتسلل إلى الحدود الروسية بمقاطعتي كورسك وبيلغورود، فضلاً عن ستة وثلاثين هجوماً في محاور أخرى.جميع هذه المحاولات أفشلتها القوات الروسية كلها. ولم يكن لهذه الهجمات أي أهمية عسكرية؛ لقد شنها نظام كييف لأسباب سياسية. وتكبدت قواته خسائر فادحة.
الرئيس بوتين يدرك جيدًا ما هو المبتغى من هدنة الثلاثين يوماً. القوات الأوكرانية، التي تخسر مواقعها يوماً بعد يوم، تريد هدنة من أجل أن تتمكن من فك الحصار عن كثير من المناطق، التي أصبحت على وشك السقوط بيد القوات الروسية. كما تريد كييف من الهدنة تغيير الوضع الجغرافي لتموضع القوات الروسية، وبخاصة تلك التي دخلت لمسافات كبيرة في عمق مقاطعة خاركوف، فضلا عن تموضعها داخل مقاطعة دنيبروبتروفسك. موسكو تدرك أيضاً أن زيلينسكي فقد أي أوراق لإمكان المقايضة بها، وذلك بعد القضاء على قواته، التي دخلت إلى مقاطعة كورسك الروسية. وهي التي كان يعول عليها لتبادل الأراضي مستقبلاً مع روسيا.
بيد أن الوضع على الأرض يشير إلى عكس ذلك. القوات الروسية تدرك تمامًا أن عملية التبادل ستكون على حساب انسحاب القوات الأوكرانية من المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها في جمهورية دونيتسك ومقاطعي زابوروجياوخيرسون، مقابل انسحاب القوات الروسية من مقاطعة خاركوف ودنيبروبتروفسك.
من هنا جاء رد بوتين المنتظر: “لن توقف العمليات العسكرية قبل بدء المفاوضات المباشرة”. ولهذا اقترح على القيادة الأوكرانية استئناف المفاوضات المباشرة يوم الخميس المقبل في اسطنبول بغير شروط مسبقة، مؤكدًا استئناف روسيا لمفاوضات جادة تؤدي إلى إزالة الأسباب الجذرية للنزاع الأوكراني والسلام المستدام.

أما أنا فأخرج من الكرملين في الساعة الثالثة فجرًا. ولا يزال وقع كلمات بوتين يخترق صفاء صباح أصبح يلوح في الأفق (هم من يهددون، هم من يهددون). آخر رجال الأمن عند نقطة الخروج سألني: “هل انتهى كل شيء اليوم”؟ أجبته: “نعم، لكن ليس على مسار الحرب الأوكرانية”.
حسن نصر، موسكو
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على موقع روسيا الآن وقد قام فريق التحرير في فري بوست بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أوالإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا يتحمل الموقع أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.
رابط الخبر الأصلي