الرئيسية / علوم وتكنلوجيا / كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار الدماغ خلال المحادثات اليومية؟

كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار الدماغ خلال المحادثات اليومية؟

شاهد هذا الموضوع -كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار الدماغ خلال المحادثات اليومية؟- عبر موقع فري بوست والآن الى تفاصيل الموضوع

تُعدّ اللغة واحدة من أعقد القدرات البشرية وأكثرها تميزًا، إذ تتطلب تناغمًا دقيقًا بين مناطق متعددة في الدماغ لتحويل الأفكار إلى كلمات، والكلمات إلى معانٍ مفهومة، وقد سعى العلماء على مدى عقود إلى كشف الآليات التي تقوم عليها هذه العملية، لكنهم غالبًا ما درسوا اللغة كمجموعة من العناصر المنفصلة وهي: الأصوات اللغوية، والقواعد، والمعاني، دون وجود نموذج موحد يجمع هذه العناصر معًا.

ولكن اليوم، وبفضل تقاطع علم الأعصاب مع الذكاء الاصطناعي، بدأنا نرى صورة أوضح لهذا اللغز المعقد، إذ طور فريق من الباحثين نهجًا مبتكرًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لاستكشاف كيفية معالجة الدماغ للكلام في أثناء المحادثات اليومية.

فمن خلال الجمع بين تسجيلات المحادثات الطبيعية في الدماغ باستخدام تقنية التخطيط الكهربائي للدماغ (ECoG)، ونماذج التعلم العميق، تمكنوا من إنشاء نظام يتنبأ بالنشاط العصبي أثناء المناقشات الواقعية، مما يفتح آفاقًا جديدة في فهمنا للغة والإدراك البشري.

وقد اعتمد الباحثون في دراستهم على نموذج الذكاء الاصطناعي (ويسبر) Whisper، الذي طورته شركة (OpenAI)، والذي يتميز بقدرته على تحويل الصوت إلى نص بدقة عالية، وقد مكن هذا النموذج الباحثين من رسم خريطة للنشاط الدماغي الذي يحدث في أثناء المحادثات بدقة تفوق النماذج التقليدية التي تعتمد على تشفير خصائص محددة لبنية اللغة، مثل: الصوتيات وأجزاء الكلام.

وبدلًا من ذلك، يعتمد نموذج (Whisper) المستخدم في الدراسة يعتمد على نهج إحصائي بحت، إذ يبدأ النموذج بتحليل ملفات صوتية مصحوبة بنصوصها المكتوبة كبيانات تدريب، ثم يستخدم الإحصاءات الناتجة عن هذا التحليل للتنبؤ بالنصوص من ملفات صوتية جديدة لم يسمعها من قبل.

وما يميز هذا النموذج هو أنه لم يُبرمج سابقًا بأي قواعد لغوية، لكن الدراسة كشفت أن الهياكل اللغوية ظهرت تلقائيًا بعد التدريب، مما يعكس قدرته على اكتشاف اللغة بنحو مستقل.

ويسلط هذا الاكتشاف الضوء على كيفية عمل النماذج اللغوية الكبيرة، التي تعتمد على تحليل كميات ضخمة من البيانات النصية والصوتية لتعلم اللغة، ولكن الفريق البحثي يركز بنحو أكبر في الرؤى التي تقدمها الدراسة حول اللغة والإدراك البشري، ويرى الباحثون أن تحديد أوجه التشابه بين كيفية تطوير النموذج لقدرات معالجة اللغة، وكيفية تطوير الأشخاص لهذه المهارات، سيفتح الباب أمام تطوير تقنيات متقدمة لتعرف الكلام ومساعدة الأشخاص الذين يعانون صعوبات في التواصل.

تفاصيل الدراسة ونتائجها:

نُشرت هذه الدراسة في مجلة (Nature Human Behaviour)، وشملت أربعة أشخاص مصابين بالصرع كانوا يخضعون لعمليات جراحية لزرع أقطاب كهربائية في أدمغتهم لمراقبة الدماغ لأغراض طبية، وبموافقتهم، سجل الباحثون جميع محادثاتهم طوال مدة إقامتهم في المستشفى، التي تراوحت بين عدة أيام وأسبوع، لتصل مدة التسجيلات إلى أكثر من 100 ساعة من الصوت.

وقد جُهز كل مشارك بعدد من الأقطاب الكهربائية تتراوح بين 104 و255 قطبًا كهربائيًا لرصد نشاط الدماغ، مما سمح بدراسة تفصيلية لكيفية تفاعل مناطق الدماغ المختلفة أثناء التحدث والاستماع.

كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار الدماغ خلال المحادثات اليومية؟

وقد كشفت الدراسة عن كيفية انخراط أجزاء مختلفة من الدماغ أثناء المهام المطلوبة لإنتاج الكلام وفهمه، إذ وجد الباحثون أن مناطق معينة في الدماغ تميل إلى الارتباط ببعض المهام، مثل (التلفيف الصدغي العلوي) superior temporal gyrus، الذي يظهر نشاطًا أكثر عند التعامل مع المعلومات السمعية، و(التلفيف الجبهي السفلي) inferior frontal gyrus، الذي يكون أكثر نشاطًا لفهم معنى اللغة.

كما أظهرت الدراسة أن هذه المناطق تنشط بالتتابع، إذ يجري تنشيط المنطقة المسؤولة عن سماع الكلمات قبل المنطقة المسؤولة عن تفسيرها. ومع ذلك، لاحظ الباحثون أيضًا أن هناك مناطق تنشط في أثناء الأنشطة التي لم يكن معروفًا أنها متخصصة فيها، مما يدعم فكرة أن الدماغ يعتمد على نهج موزع في معالجة اللغة.

 ربط نماذج الذكاء الاصطناعي بالوظائف الداخلية للدماغ:

استخدم الباحثون نسبة بلغت 80% من التسجيلات الصوتية ونسخها النصية المصاحبة لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي (Whisper)، وقد صُمم هذا التدريب لتمكين النموذج من التنبؤ بالنصوص المتبقية، التي تمثل نسبة 20% من البيانات الصوتية.

وبعد ذلك، حلل الفريق البحثي كيفية معالجة نموذج (Whisper) للتسجيلات الصوتية والنسخ النصية، ورسم خرائط لهذه التمثيلات لتتوافق مع النشاط الدماغي الذي سجلته الأقطاب الكهربائية المزروعة في أدمغة المشاركين. وبعد هذا التحليل الشامل، تمكن الباحثون من استخدام النموذج للتنبؤ بالنشاط الدماغي المصاحب للمحادثات التي لم يجري تضمينها في بيانات التدريب الأصلية، وقد أظهر النموذج دقة تفوق بكثير دقة النماذج التقليدية التي تعتمد على مزايا محددة لبنية اللغة.

والجدير بالذكر أن الباحثين لم يبرمجوا النموذج ليتعرف الصوتيات أو الكلمات بنحو صريح، ولكنهم اكتشفوا أن هذه الهياكل اللغوية ظهرت تلقائيًا في طريقة عمل النموذج على النصوص، ويعني ذلك أن النموذج استخرج هذه المزايا دون توجيه مباشر، مما يشير إلى قدرته على محاكاة عمليات الدماغ البشري.

آفاق مستقبلية وتحديات:

كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار الدماغ خلال المحادثات اليومية؟

يرى خبراء مثل ليونهارد شيلباخ من مركز ميونيخ لعلوم الأعصاب أن هذه الدراسة رائدة، لأنها تظهر وجود رابط بين طريقة عمل نموذج حسابي لتحويل الصوت إلى كلام ثم إلى لغة، ووظائف الدماغ. ومع ذلك، أشار شيلباخ إلى أن هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث للتحقق من وجود أوجه تشابه حقيقية في الآليات التي تستخدمها النماذج اللغوية والدماغ لمعالجة اللغة.

ومن جانبه، أكد جاسبر بيجوش، الأستاذ المشارك في قسم اللغويات بجامعة كاليفورنيا بيركلي، أن مقارنة الدماغ بالشبكات العصبية الاصطناعية تمثل مجالًا بحثيًا بالغ الأهمية. وقال: “إذا تمكنا من فهم آليات عمل الخلايا العصبية الاصطناعية والبيولوجية، وأوجه التشابه بينهما، فسنتمكن من إجراء تجارب ومحاكاة لا يمكن إجراؤها على الدماغ البيولوجي”.

ومن ثم، تمثل هذه الدراسة خطوة مهمة نحو سد الفجوة بين علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، فمن خلال نمذجة اللغة البشرية باستخدام التعلم العميق، نقترب من فك شفرة نظام الاتصال المعقد في الدماغ، مما يفتح الباب أمام اختراعات جديدة في مجالات مثل واجهات الدماغ والحاسوب.

ما أهمية هذه الدراسة؟

تكمن أهمية هذه الدراسة في عدة جوانب:

  • فهم أعمق للإدراك البشري: تساعد الدراسة في فهم كيفية معالجة الدماغ للغة وكيفية عمل الإدراك البشري.
  • تطوير تقنيات مساعدة: يمكن أن تساعد نتائج الدراسة في تطوير تقنيات لمساعدة الأشخاص الذين يعانون صعوبات في التواصل، مثل الأشخاص الذين يعانون اضطرابات الكلام أو السمع.
  • تحسين نماذج الذكاء الاصطناعي: تسلط الدراسة الضوء على كيفية عمل النماذج اللغوية الكبيرة، مما يمكن أن يساعد في تحسين هذه النماذج وجعلها أكثر دقة وفعالية.
  • ربط الذكاء الاصطناعي بوظائف الدماغ: توضح الدراسة وجود صلة بين عمل نماذج الذكاء الاصطناعي ووظائف الدماغ، مما يفتح آفاقًا جديدة في فهمنا للعلاقة بين الذكاء الاصطناعي والإدراك البشري.

الخلاصة: 

تؤكد هذه الدراسة أن اللغة ليست مجرد مجموعة من المكونات المنفصلة، بل هي نظام متكامل ومعقد، سواء في الدماغ البشري أو في نماذج الذكاء الاصطناعي، ومن خلال الاستمرار في استكشاف هذا المجال، يمكننا أن نكشف المزيد من أسرار التواصل ونفتح آفاقًا جديدة في فهم أنفسنا والعالم من حولنا.

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,كيف يكشف الذكاء الاصطناعي أسرار الدماغ خلال المحادثات اليومية؟, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على الموقع الأصلي وقد قام فريق التحرير في موقع فري بوست بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أو الإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا يتحمل فري بوست أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي