الرئيسية / علوم وتكنلوجيا / عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي.. تحول جذري يهدد عرش الإنترنت الحالي

عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي.. تحول جذري يهدد عرش الإنترنت الحالي

شاهد هذا الموضوع -عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي.. تحول جذري يهدد عرش الإنترنت الحالي- عبر موقع فري بوست والآن الى تفاصيل الموضوع

تخيل أن تستيقظ في يوم لا تبدأ فيه روتينك بتصفح الأخبار أو التحقق من رسائل البريد الإلكتروني أو البحث عن أفضل عروض السفر عبر الإنترنت، وبدلًا من ذلك تجد وكيل ذكاء اصطناعي شخصي ينتظرك، وقد قام بالفعل بتنظيم يومك، وحجز رحلتك، واختار لك أفضل العروض التسويقية، كل ذلك قبل أن تحتسي قهوتك الصباحية.

لم يَعد هذا السيناريو مجرد فكرة مستوحاة من أفلام الخيال العلمي، بل أصبح اليوم واقعًا يثير حماسًا شديدًا في أروقة وادي السيليكون، وفي الوقت نفسه، يطلق صافرات الإنذار في أوساط عمالقة الإنترنت الذين يخشون على مكانتهم.

فمع دخول طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي عامها الثالث، يتردد صدى التوقعات بأن عام 2025 سيشهد بزوغ فجر (وكلاء الذكاء الاصطناعي)، هؤلاء المساعدون الرقميون الذين يتفاعلون مع المستخدمين، ويجرون عمليات البحث المعقدة، ويجمعون المعلومات بدقة متناهية، وينظمون المحتوى وفقًا لتفضيلات المستخدمين، بل ويتوقعون احتياجاتهم قبل أن يعبروا عنها.

قد يبدو هذا السيناريو بعيد المنال، وقد يتساءل الكثيرون عن مدى واقعية هذه التوقعات، خاصة في ظل التاريخ الطويل من التنبؤات التكنولوجية التي لم تتحقق، ولكن إذا تحققت هذه الرؤية المستقبلية للوكلاء الذكيين، فإنها ستحدث زلزالًا في بنية الإنترنت، وتهدد بتقويض الشركات التي تتربع على عرش العالم الرقمي اليوم.

لذلك في هذا المقال سنكتشف كيف يمكن لوكلاء الذكاء الاصطناعي أن يغيروا تجربة المستخدم عبر الإنترنت، وما الآثار المحتملة لظهورهم على الشركات الكبرى في قطاع الإنترنت، وهل تمثل هذه التقنية قمة التطور في مجال الذكاء الاصطناعي أم يمكن أن يصل الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك؟

تغيير جذري في طريقة تفاعلنا مع الإنترنت:

عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي.. تحول جذري يهدد عرش الإنترنت الحالي

أثار مارك شموليك ونيخيل ديفناني، وهما من كبار محللي الإنترنت في شركة (بيرنشتاين) Bernstein، في مذكرة حديثة موجهة للمستثمرين، فكرة ثورية مفادها أن انتشار وكلاء الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع دور الإنترنت التقليدي، فبدلًا من أن يتصفح المستخدمون المواقع والتطبيقات مباشرةً، سيعتمدون بنحو متزايد على هؤلاء الوكلاء للحصول على المعلومات والمحتوى.

ويشبه المحللون وكلاء الذكاء الاصطناعي بـ (الوسيط الجامع)، الذي سيتولى مهمة تجميع المحتوى من مصادر مختلفة وتنظيمه، وتقديمه للمستخدمين بطريقة مخصصة وفعالة، ويعني ذلك أن المواقع والتطبيقات لن تختفي تمامًا، ولكن دورها سيتغير بنحو جذري، إذ ستصبح بمنزلة مصادر للمحتوى والمعلومات، التي يصل إليها وكلاء الذكاء الاصطناعي.

ويحذر المحللون من أن هذا التحول قد يؤدي إلى تغيير جذري في بنية الإنترنت، لأن المنصات الكبيرة التي تُجمع المحتوى ستنهار، ومن ثم ستواجه العديد من الشركات التي تعتمد على نموذج تجميع المحتوى انخفاضًا كبيرًا في قيمتها بسبب التغييرات الهيكلية التي سيحدثها وكلاء الذكاء الاصطناعي.

تبسيط تجربة السفر مع وكلاء الذكاء الاصطناعي:

تخيل سيناريو سفرك إلى دبي، تصل إلى المطار، وتواجه التحدي المعتاد المتمثل في الانتقال إلى مكتب شركتك في مركز دبي التجاري العالمي، في هذا السيناريو  يطرح محللو بيرنشتاين سؤالًا جوهريًا: هل يهمك حقًا الوسيلة التي ستستخدمها للوصول إلى وجهتك؟ هل ستفضل أوبر، أو كريم، أو سيارة أجرة، أم خدمة سيارات المطار؟ على الأرجح، الإجابة هي لا. ما يهمك حقًا هو تحقيق أقصى قدر من الكفاءة، وهو الوصول إلى مركز دبي التجاري العالمي بأسرع وقت، وبأقل تكلفة، وبأعلى مستوى من الراحة.

وهنا يبرز دور وكيل الذكاء الاصطناعي الشخصي، تخيل أن هذا الوكيل قادر على تنظيم عملية الانتقال بأكملها نيابة عنك، دون الحاجة إلى تدخل منك، ومن ثم؛ سيغير هذا التحول كيفية تفاعلنا مع الإنترنت بطريقة جذرية، إذ لن تكون هناك حاجة لإجراء عمليات بحث تقليدية عبر محركات البحث مثل جوجل، بل قد لا تحتاج حتى إلى استخدام هاتفك الذكي.

ويؤكد محللو بيرنشتاين أن الشركات التي تسيطر حاليًا على خدمات النقل التشاركي، مثل أوبر وليفت، تعتمد على التحكم في العرض، ولكن مع ظهور وكلاء الذكاء الاصطناعي، سيجري توحيد الطلب، وسيتولى الوكيل مهمة اختيار أفضل الخيارات المتاحة.

ويعني ذلك أنك قد لا تحتاج أبدًا إلى فتح تطبيق النقل التشاركي مرة أخرى، إذ سيتولى وكيلك مهمة اختيار أفضل الخيارات المتاحة، بناءً على تفضيلاتك وظروفك.

صراع العمالقة.. من يسيطر على وكلاء الذكاء الاصطناعي؟

يشير محللو الإنترنت مارك شموليك ونيخيل ديفناني إلى أن وكلاء الذكاء الاصطناعي قد يمثلون ذروة التطور في العلاقة بين شركات التكنولوجيا والمستهلكين، فبدلًا من التفاعل المباشر مع المواقع والتطبيقات، سيصبح وكيل الذكاء الاصطناعي بمنزلة نقطة اتصال مركزية يجري من خلالها توجيه جميع الخدمات والمحتوى.

ويعني ذلك أن الشركات التي تسيطر على هذه البوابة الرقمية الجديدة ستتمكن من فرض رسوم على المزودين الآخرين، على غرار الرسوم التي تفرضها جوجل على إعلانات البحث أو آبل على تطبيقات متجرها.

ويرى شموليك أن وكلاء الذكاء الاصطناعي قد يتجاوزون دورهم كوسيط لتجميع المحتوى، ليصبحوا أسواقًا قائمة بذاتها، مما يهدد بتقويض دور الوسطاء التقليديين، مما يدفع شركات التكنولوجيا الكبرى والناشئة إلى التنافس الشديد للسيطرة على هذه البوابة الرقمية المستقبلية.

وقد بدأت بالفعل بعض الشركات بتطوير وكلاء ذكاء اصطناعي، ففي أواخر يناير الماضي، أطلقت شركة (OpenAI) وكيل ذكاء اصطناعي شامل يُسمى (Operator)، الذي يستخدم متصفح ويب لتنفيذ مهام نيابة عن المستخدمين، مثل حجز الرحلات وشراء المنتجات. ويمكن للمستخدمين اختيار المواقع التي يرغبون في استخدامها، أو الاعتماد على محركات البحث مثل جوجل، ولكن العلاقة المباشرة في هذه الحالة تكون بين وكيل OpenAI والمستخدم، مما يقلل من أهمية محركات البحث التقليدية.

ولم تقف جوجل مكتوفة الأيدي، بل أطلقت (مشروع مارينر) Project Mariner، الذي يستند في عمله إلى نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة Gemini من جوجل، والذي يُعدّ امتدادًا تجريبيًا لمتصفح كروم، ويمكنه استخدام المتصفح وتنفيذ المهام عبره تلقائيًا.

ويُعدّ مشروع Mariner، إنجازًا كبيرًا في مجال أتمتة مهام الويب، فقد حقق هذا المشروع نتائج مذهلة بنسبة نجاح بلغت 83.5% في معيار WebVoyager، وهو معيار صارم يقيس قدرة العميل على تنفيذ مهام الويب المعقدة في بيئة واقعية.

كما كشفت شركة  (أنثروبيك) Anthropic عن أداة مماثلة تُسمى (Computer Use)، التي تمكن نموذج (Claude 3.5 Sonnet) من استخدام الحاسوب بشكل مشابه للبشر. وفي تجربة عملية لتوضيح قدرات الأداة، طلب فريق من المهندسين من الأداة طلب كمية من الطعام تكفي لإطعام مجموعة، وقد اختار الوكيل الذكي بنحو مستقل، طلب البيتزا.

وأوضح أليكس ألبرت، رئيس قسم علاقات المطورين في أنثروبيك، أن الوكيل تصفح تطبيق DoorDash عبر الإنترنت، وبعد نحو دقيقة، قرر نموذج كلود أن يطلب لنا بعض البيتزا”. ويوضح ذلك قدرة الوكيل على تنفيذ مهام معقدة بنحو مستقل، من تصفح التطبيقات إلى اتخاذ قرارات الشراء.

وفي خطوة لتعزيز هذه القدرات، أطلقت أنثروبيك نموذج (Claude 3.7 Sonnet) الذي يتميز بتقديم نهج تفكير هجين، إذ يهدف هذا النموذج الجديد إلى تحسين قدرة الوكيل على فهم السياقات المعقدة واتخاذ قرارات أكثر دقة وذكاءً. كما تعمل شركات أخرى، مثل Perplexity، على تطوير أدوات مماثلة.

وقد تُقدم هذه الوكلاء عبر أجهزة جديدة تعتمد على الصوت، مثل نظارات ميتا الذكية، أو نظارة (Vision Pro) من آبل، أو هواتف أندرويد وأجهزة كروم بوك، التي تعمل بنماذج (Gemini) من جوجل.

هل هناك مستقبل يتجاوز وكلاء الذكاء الاصطناعي؟

عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي.. تحول جذري يهدد عرش الإنترنت الحالي

بينما تثير فكرة وكلاء الذكاء الاصطناعي تحولات جذرية في عالمنا الرقمي، يطرح سؤال حاسم: هل تمثل هذه التقنية قمة التطور في مجال الذكاء الاصطناعي والاتصال الرقمي؟  الإجابة ربما لا.

إذ تتجه الأنظار نحو شركة (نيورالينك) Neuralink، التابعة لإيلون ماسك، التي تسعى إلى تحقيق قفزة نوعية في هذا المجال من خلال تطوير شرائح إلكترونية قابلة للزرع في أدمغة البشر. وتهدف هذه التقنية الطموحة إلى إنشاء رابط مباشر وغير قابل للكسر بين الشركات والمستهلكين، إذ يمكن للشريحة قراءة أفكار المستخدمين ورغباتهم واحتياجاتهم مباشرة من أدمغتهم، بدلًا من الاعتماد على التحليلات المعقدة لسلوكيات المستخدمين عبر محركات البحث وتطبيقات الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي.

قد يبدو هذا السيناريو وكأنه ضرب من الخيال العلمي، ولكنه ليس كذلك، لأن المسؤولون التنفيذيون في شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل جوجل، يتحدثون عن هذا الاحتمال منذ سنوات. ففي عام 2010، ناقش هال فاريان، كبير خبراء الاقتصاد في جوجل، هذا المفهوم مع مجلة ذا أتلانتيك، مشيرًا  إلى أن زراعة الشرائح في الدماغ قد تكون الخطوة المنطقية التالية في تطور محركات البحث.

وأوضح فاريان رؤيته قائلًا: “نحن الآن نبحث عن المعلومات عبر جوجل باستخدام الحواسيب والهواتف الذكية. ولكن في المستقبل، قد ننتقل إلى مرحلة جديدة، وهي زراعة الشرائح في الدماغ”.

الخلاصة: 

يشهد عالم التكنولوجيا تحولًا غير مسبوق مع صعود وكلاء الذكاء الاصطناعي، إذ سيغير هذا التطور الواعد الطريقة التي نتفاعل بها مع الإنترنت، ويفرض تحديات جديدة على شركات التكنولوجيا الكبرى. ولكن يبقى السؤال الأهم هو كيف سنتعامل مع هذه التكنولوجيا الجديدة، وكيف سنتأكد من أنها تستخدم لصالح البشرية جمعاء؟

يذكر بأننا قد نشرنا لكم أعلاه تفاصيل ,عصر وكلاء الذكاء الاصطناعي.. تحول جذري يهدد عرش الإنترنت الحالي, نرجوا بأن نكون قد وفقنا بتقديم التفاصيل والمعلومات الكاملة.
وقد وصلنا إلى نهاية المقال ، و تَجْدَرُ الإشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشره ومتواجد على الموقع الأصلي وقد قام فريق التحرير في موقع فري بوست بالتأكد منه وربما تم التعديل عليه وربما قد يكون تم نقله بالكامل أو الإقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدات هذا الخبر أو الموضوع من مصدره الأساسي ولا يتحمل فري بوست أية مسؤولية قانونية عن الصور أو الخبر المنشور شاكرين لكم متابعتكم.

رابط الخبر الأصلي