السعودية تختصر المسافة شمالاً وتعمق “الأزمة” جنوباً (تقرير)
- فري بوست- متابعات
في وقت تثخن الجنوب بالمزيد من الجراح، تتجه السعودية لإبرام اتفاق مع الحوثيين. كان الجنوب بحاجة ماسة للمبادرة السعودية، على الأقل لانتشاله من المستقبل المجهول، الذي ينتظر أبناءه، لكن الرياض تصر على إغراقه.
هي الآن تراوغ بعقد اتفاق بين هادي والانتقالي. بإمكانها إقرار أية مبادرة لإنهاء الوضع المتأزم، والاقتتال الأهلي، الذي لم يعد خافياً على أحد، لكنها تفضل المناورة، بينما يكتوي #الجنوبيون بنيران الحرب وتداعياتها.
الشواهد على #العداء_السعودي_للجنوب كثيرة، وليس أولها ما ذكره شيخ قبائل يافع، عبد الرب النقيب، عندما قاد #القوات_الجنوبية لإسقاط عدن، قاطعاً الطريق على #القوات_السعودية التي كانت تتحضر للسيطرة على عدن، وإلحاق الاذى بالانتقالي، فكل ما تفعله الآن انتقام لا أكثر.
كان #الانتقالي و#هادي على وشك الاتفاق، بناء على مبادرة سعودية تضمنت حكماً ذاتياً لكلٍ منهما، ووفقاً لمشروع الأقاليم الذي #يقسم_الجنوب ويجهض أي طموح باستعادة دولته.
وافق الانتقالي، وكان على وشك التوقيع، لكن المفاجأة السعودية كانت بإبلاغه رفض هادي “حتى النظر في بنودها”، بل وطلب ضباط المخابرات من الانتقالي المغادرة، في صيغة طرد “محترمة”.
كان ذلك عقب تحقيق السعودية مع الانتقالي، وكشفها لأوراقه بأسئلة حول خطواته المقبلة، وقدرته على إدارة الدولة في عدن، في ظل حصار مطبق.
بالطبع لا يملك الانتقالي شيئاً ليدير به عدن ومحيطها، ذات الكتلة السكانية الأكبر في الجنوب، والتي يبلغ تعدادها 3 ملايين نسمة، خصوصاً في ظل #سيطرة_السعودية على #منابع_النفط ومنعه من التقدم لاستعادتها.
تعمل الرياض بكل طاقتها لإفشال الانتقالي، وقد تضطر لقصف معسكراته في عدن، إذا ما أخذ في الاعتبار التغريدات التي أطلقها #رئيس_جمعية_العلاقات_الامريكية_السعودية سليمان الانصاري، وكل هذا بهدف تجريد الانتقالي من كل المكاسب التي حققها، في معركة ضحى لأجلها بالغالي والنفيس.
لا تريد السعودية خيراً للانتقالي لأسباب عدة؛ أولها تهدف لكسر عضد الإمارات في الجنوب، ومنع أي وجود مستقبلي لها. يبرز ذلك جلياً في المبادرة الجديدة، والتي أعطت الانتقالي حقيبتين مقابل تدمير قواته، وإرسالها إلى #الساحل_الغربي حينها سيتهيأ الجو للرياض لقصفه بالطيران، كما فعلت مع #فصائل_الإخوان_والعمالقة.
هذه المشاهد المؤلمة لا تقتصر على الانتقالي ككيان سياسي، بل تشمل أبناء الجنوب، الذين يعيشون ظروفاً صعبة في ظل انقطاع الكهرباء وانعدام المياه، وفوق ذلك وقف الرواتب.
تجاهلت السعودية كل ذلك، وألقت بكل تضحيات الجنوب وراء ظهرها، بل زادت في معاناتهم بقصف المدافعين عن حدودها، ضمن الألوية الثلاثة التي أعلن #الحوثيون السيطرة عليها.
هي لا تنظر لليمنيين إلا كخطر محدق. خاضت قبل هذه الحرب حروباً ضد الجنوب، في ستينيات القرن الماضي وتسعينياته، وعلى الشمال أيضا في ثلاثينياته، وكل هدفها الأرض والثروة والنفوذ، ولا تؤمن إلا بالقوة، تلك التي ركعتها وأعادتها سنوات إلى الوراء، لتطلب من الحوثيين، الذين أعلنت الحرب عليهم يوماً، إخراجها من المستنقع.
كان ذلك بارزاً في الأنباء المتعاقبة حول اتفاقية مرتقبة مع الجماعة. لم تنهِ رويترز صدمة الاتصالات بين السعودية ورئيس ما يسمى المجلس السياسي في صنعاء؛ حتى أوردت قناة الميادين خبراً جديداً، تؤكد فيه بدء سريان الهدنة بين الطرفين، على أن تشكل لجان لوقف شامل لإطلاق النار.
فعلياً أنهت السعودية حربها على الشمال، بعد أن شعرت بأنها تغرق أكثر. كانت تتحدث عن أسبوع لاحتلال صنعاء، واليوم تنصاع صاغرة لمبادرة الحوثيين، أولئك الذين حاولت التقليل من حجمهم وقوتهم على مدى السنوات الماضية.
رغم اتساع فجوة العلاقة بين الجنوبيين، الذين سالت دماء شبابهم على #الحدود_السعودية وبين الحوثيين الذين نكلوا بالسعودية ووصلوا إلى عمق أراضيها، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن السعودية لا تفهم إلا لغة القوة وكسر “الخشوم”.
وكالة عدن الإخبارية