تقرير – خاص
تتصاعد المخاوف من انفجار محتمل لسفينة صافر، في ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر، جراء استمرار تراكم الغازات شديدة الاشتعال والانفجار، المنبعثة من كميات النفط الخام المخزونة بداخلها منذ 4 سنوات بلا صيانة، جراء تعذر تصديره.
جدد هذه المخاوف، خطاب وجهه، اليوم الثلاثاء، نائب وزير الخارجية في حكومة هادي، محمد الحضرمي، للأمم المتحدة يطالبها بأن “تمارس الضغط على الحوثيين للسماح بوصول فريق فني أممي إلى خزان صافر، لإجراء تقييم أولي لحال الخزان”.
الحضرمي، وفقاً لوكالة أنباء حكومة هادي، أكد في خطابه أن خزان صافر العائم “يتعرض للتآكل وقد يتسبب بكارثة بيئية في البحر الأحمر ستؤثر على اليمن والإقليم”. وقال إن الحكومة “في انتظار تقييم الخبراء ليتم وضع حلول ناجعة لهذه القضية”.
مبادرة مهملة
من جانبهم، الحوثيون أطلقوا مبادرة لتجنب الكارثة. حيث دعا القيادي، محمد علي الحوثي، مطلع مايو الماضي الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى “وضع آلية لبيع النفط الخام اليمني ومنه نفط خزان صافر العائم مقابل استيراد البترول والديزل والغاز المنزلي”.
الحوثي، وهو عضو المجلس السياسي للحوثيين، ضمّن مبادرته التي أعلنها في تغريدة له على “تويتر” آلية لتنظيم إيرادات مبيعات النفط، وقال: على أن يتم “إعادة ما يتم بيعه إلى بنكي صنعاء وعدن لصرف كل منهما مرتبات الموظفين التابعين لنطاق سيطرته”.
مع ذلك، قوبلت المبادرة بالرفض من جانب حكومة هادي، التي تصر على مفهومها لاتفاق السويد، وأنه يقضي بانسحاب الحوثيين من الحديدة وموانئها بما فيها رأس عيسى، وتسليمها لها، لتتولى هي تصدير النفط واستلام عائداته لتمويل نفقات الدولة بما فيها المرتبات.
الأمر الذي لم يحدث مع عائدات نفط وغاز المناطق الخاضعة لسلطة حكومة هادي والتي تشكل 80% من مساحة اليمن، وتتركز فيها منابع النفط والغاز ممثلة في مارب وشبوة وحضرموت. ولايزال نحو 50% من موظفي الدولة يشكون توقف مرتباتهم منذ 3 سنوات.
تحذيرات جادة
منتصف يونيو، حذر مركز صنعاء للدراسات، من “وقوع أكبر كارثة بيئية قد تحدث في البحر الأحمر، جراء تعذر تصدير النفط المخزون في سفينة صافر العائمة في ميناء رأس عيسى، بفعل استمرار الحرب، واحتمالات التسرب النفطي منها”.
وتعتبر ناقلة التخزين العائم والتفريغ (FSO) المصنعة في اليابان عام 1976م سفينة أحادية الهيكل، تصل سعتها إلى حوالي 3 ملايين برميل نفط. وامتلكتها شركة صافر لعمليات الانتاج والاستكشاف ((SEPOC لأول مرة عام 1986م، لتغدو لاحقا خزانا عائما.
وأعادت تحذيرات مركز صنعاء للدراسات، وهو منظمة مدنية، تحذيرات مماثلة أطلقها في منتصف ابريل الماضي، مركز دراسات “ذا اتلانتك كاونسل” الأمريكي، بقوله: إن السفينة “تحولت إلى قنبلة ضخمة يمكنها الانفجار بسبب محتوياتها ونقص الصيانة”.
تقرير المركز الأمريكي أكد أن “خطر حدوث الانفجار يتزايد يومياً”. وقال: “إذا حدث ذلك فلن يتسبب في إتلاف أو غرق أي سفن في المنطقة المجاورة فحسب؛ بل سيؤدي أيضاً إلى حدوث أزمة بيئية تقارب أربعة أضعاف حجم تسريب النفط في إكسون فالديز 1989م”.
قنبلة عائمة
وأرست شركة صافر (SEPOC) السفينة عام 1988م بشكل دائم قبالة ميناء “رأس عيسى” النفطي، على بعد أربعة أميال بحرية، وربطتها بخط أنابيب تصدير النفط من مارب الممتد بطول 430 كم، مع تجهيزها بمعدات تتيح نقل النفط الخام إلى سفن ناقلة أخرى.
التحذيرات أطلقها أيضا في مايو 2018م مرصد الصراعات والبيئة، بعرضه تفاصيل شاملة حول سفينة صافر وتدهورها المستمر، وتسليط الضوء على المخاوف البيئية للتسرب، جراء إغلاق المحطة منذ بداية الحرب وتوقف صيانتها، مؤكداً أنها “يمكن أن تنفجر”.
وصارت سفينة صافر، محطة التصدير الرئيسة للنفط الخام الخفيف المستخرج من “القطاع 18″ في منطقة صافر بمحافظة مارب، و”القطاع 9” في منطقة مالك بمحافظة شبوة، قبل توقف ضخ النفط إليها، وتعذر تصدير مخزونها في مارس 2015م بفعل الحرب.
وفقا لتقرير مركز صنعاء للدراسات، فإنه التقى مسؤولين بحكومتي هادي وبن حبتور، وأشار إلى “تعذر الاتفاق على كيفية تقاسم عائدات بيع النفط الخام” .. مضيفاً: “يبقى الحل بين مختلف الجهات بعيد المنال على ما يبدو، إذ تلقي المصالح الاقتصادية والسياسية بظلالها”.
عرقلة وتداعيات
تقرير مركز صنعاء، أوضح أن “أصحاب المصالح التجارية القوية في اليمن، يقومون أيضاً بالمناورة لتأمين بيع الكمية النفطية”. حاثا طرفي النزاع على “التوصل إلى تسوية بشأن ما يجب فعله بالنفط الموجود على متن السفينة، لتجنب كارثة بيئية في البحر الأحمر”.
وتحوي سفينة صافر ما يزيد عن مليون و300 ألف برميل نفط خام منذ أربع سنوات، جراء توقف تصدير النفط عبرها بفعل حرب التحالف، وتم سحب الموظفين وإنهاء أعمال الصيانة الدورية التي تشير تقارير إلى أنها “كانت تكلف سنويا 10 ملايين دولار”.
غير أن ما يفاقم مخاوف استمرار النفط في السفينة، هو بحسب تقرير مركز صنعاء “توقف المولدات العاملة على متن السفينة عن العمل بسبب نقص الديزل، ما يعني أنها لم تعد قادرة على ضخ الغاز الخامل في كمية النفط المخزونة، والمرجح انفجار تراكماته”.
ومنع التحالف منذ نوفمبر 2016م إمداد السفينة بالمازوت لتشغيل مولدات تبريد وتصريف الغاز المنبعث عن النفط الخام، باعتراض بوارج التحالف طريق الناقلة “راما 1” ومنعها من دخول المياه الإقليمية والمحلية اليمنية لتفريغ 3000 طن من مادة المازوت في صافر.
تدخلات مطلوبة
في هذا، شدد تقرير مركز دراسات “ذا اتلانتك كاونسل” الأمريكي، على “وجوب حقن الغازات الخاملة في الهواء للتأكد من أن الأكسجين لا يتجاوز هذا المستوى من التركيز”. مؤكدا أن تعذر هذا “يجعل الخزان قابلاً للاشتعال، وقنبلة عملاقة بشكل فعال”.
أكثر من هذا، تأكيد التقرير الأمريكي أنه “قد تؤدي الشرارة أو الرصاصة الخاطئة إلى تحفيز انفجار مدمر للمنشأة وخط الأنابيب، يسبب الدمار في البيئة البحرية، وبالإضافة إلى الإصابات البشرية المحتملة؛ سوف يساهم بالتأكيد في أزمة اقتصادية وإنسانية”.
يقول التقرير: “إذا لم يُتخذ إجراء فوري لتحييد هذه القنبلة، فقد يشهد الاقتصاد العالمي اضطرابا كبيرا في تدفق التجارة البحرية، وقد يواجه الشعب اليمني أسوأ مجاعة منذ أكثر من قرن، وقد يخسر العالم، من بين عواقب أخرى، كل مجال رئيسي للتنوع البيولوجي البحري”.
وأرجع تقرير مركز صنعاء للدراسات، تعذر الاتفاق بشأن مخزون السفينة النفطي إلى ” حالة ارتياب متأصلة وانعدام الاستعداد للتنازل عن أي ساحة للخصوم المفترضين”. لافتا إلى محاولة البعض “الاستفادة من احتمال حدوث كارثة بيئية للنيل من خصومه”.