الانتقالي الجنوبي يحاصر الاختراق الإخواني الناعم لعدن
فري بوست- متابعات
قام المجلس الانتقالي الجنوبي الشريك في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بإغلاق مقر جمعية الإصلاح الخيرية التابعة لحزب التجمّع اليمني للإصلاح الذي يمثّل الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين بمديرية دار سعد في محافظة عدن، وذلك في خطوة فسّرها مقرّبون من المجلس بمخالفة الجمعية لقواعد العمل الخيري، وممارسة القائمين عليها الدعاية الأيديولجية والسياسية للإخوان وصولا إلى استغلال الظروف الاجتماعية لبعض الشرائح للضغط عليهم باستخدام ورقة المساعدة لدفعهم إلى دعم حزب الإصلاح ومساندته.
وتقول الجمعية إنّها تمارس أعمالا خيرية إنسانية تتمثّل في مساعدة الأسر الفقيرة والنازحين وذوي الاحتياجات الخاصة، لكنّ كثيرين من سكان عدن يؤكّدون أنّ مساعدات الجمعية موجّهة وأنّها تأتي مرفقة بمطالب من الأسر المستفيدة منها وصلت في بعض الأحيان حدّ مطالبتهم بتوجيه أبنائهم القادرين على حمل السلاح نحو الانضمام إلى القوات التابعة للحزب والقتال إلى جانبه.
كما تطرح إشكالات على تمويل الجمعية وأوجه صرف ما تحصل عليه من أموال، حيث لا توجد ضوابط على التبرّعات التي تجمعها، كما لا توجد أدلّة على ذهابها كلّها إلى مستحقي المساعدة ولا توظّف لمصالح خاصّة أو لأغراض سياسية وحتى عسكرية.
ويتحدّث البعض عن تمويلات تصل من قطر وتركيا بمبالغ مجزية لكن سرعان ما يُفقد أثرها حيث تحوم الشكوك حول تحويلها لتمويل معسكرات تجميع وتدريب القوات التابعة لحزب الإصلاح.
وقال المكتب الإعلامي لمدير عام مديرية دار سعد في تغريدة على موقع تويتر إنّ “مأمور المديرية أحمد عقيل باراس أصدر قرارا إداريا بمنع جمعية الإصلاح الخيرية من ممارسة أي نشاط بالمديرية بعد رصد أنشطة مشبوهة قامت بها”.
وأوضح أنّ القرار “قضى بعدم التعامل مع الجمعية وإغلاق مقرها ومنع دخولها أي مرفق حكومي وإخراجها من المديرية، ومنع كافة الجمعيات والمنظمات والمبادرات المرتبطة والمتعاونة معها”. وأشار إلى “أن باراس وجه قيادة المنطقة الأمنية في المديرية والمكاتب التنفيذية بتنفيذ القرار من تاريخه”.
ويشترك كلّ من المجلس الانتقالي الذي يطالب باستعادة دولة جنوب اليمن التي كانت قائمة قبل الوحدة المنجزة مطلع تسعينات القرن الماضي وحزب الإصلاح، في الانتماء لمعسكر الشرعية اليمنية المضادّ للمتمرّدين الحوثيين الموالين لإيران. كما أنّ كلا الطرفين شريكان في حكومة المناصفة التي تشكّلت بمقتضى اتّفاق الرياض الذي رعته السعودية لإنهاء الخلافات بين المجلس والشرعية لكنّ تنفيذها مازال يتعثّر فيما تسجّل عودة تدريجية للخلافات بين الطرفين مهدّدة بتحوّلها مجدّدا إلى صراع مسلّح.
ويمثّل الحزب الإخواني الذي يشغل قياديون بارزون فيه مناصب سياسية وعسكرية مرموقة في الشرعية تخوّل لهم التحكّم في قرارها وتوجيهه، سببا رئيسيا للتوترات بين السلطة التي يقودها الرئيس عبدربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي، حيث يستغل حزب الإصلاح مواقعه في السلطة لتنفيذ أجندته الخاصّة ذات الصلة بمخطّطات الجماعة التي يمثّلها وأيضا بمآرب أطراف إقليمية وتحديدا تركيا وقطر اللّتان تتخذان من إخوان اليمن مدخلا لتركيز موطئ قدم لهما في البلد ذي الموقع الاستراتيجي الهامّ.
وتعتمد تركيا بدورها أسلوب الاختراق الناعم للمجتمعات المحلية اليمنية حيث تُرفق أنقرة مساعدات تقدّمها لشرائح من اليمنيين بكميات محدودة وقليلة الأثر في الوضع الإنساني الصعب في البلد بقدر كبير من الدعاية والضجيج الإعلامي والسياسي، ما يجعل عدّة جهات يمنية تشكّك في دوافع أنقرة من وراء نشاطها “الإنساني والخيري” في البلد الممزق بالحرب معتبرة أن ذلك النشاط جزء من عملية اختراق للمجتمع اليمني منسّقة مع جماعة الإخوان المسلمين التي يقيم عدد كبير من قادة فرعها اليمني على الأراضي التركية.
ويلفت الانتباه تكثّف تلك الدعاية التركية بشكل استثنائي خلال المناسبات ذات المكانة في وجدان المجتمع اليمني المحافظ، مثل الأعياد الدينية حيث تبرز من جهة حالة الحرمان التي يعانيها عدد كبير من اليمنيين بسبب الحرب وعدم الاستقرار التي يشهدها بلدهم منذ سنوات طويلة، وتتاح من جهة مقابلة فرصة إبراز الوجه “الإنساني” للحكومة التركية ومدى “التزامها” بمبادئ الدين وأخلاقياته.
ولم تفوّت أنقرة فرصة عيد الأضحى الأخير الذي عاد هذا العام واليمنيون يواجهون ظروفا اقتصادية واجتماعية بالغة السوء أبرزت أكثر من أي وقت مضى حاجتهم للمساعدة حيث قامت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية بتمويل حملة لتوزيع لحوم الأضاحي على الفقراء في عدد من المحافظات اليمنية.
وجاء ذلك بينما يرصد متابعون للشأن اليمني ارتفاعا ملحوظا بمستوى تدخل تركيا في اليمن بالتنسيق المباشر مع عناصر جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها المتواجدين في إسطنبول وباستخدام الأذرع الأمنية والاستخبارية التركية العاملة تحت لافتة مؤسسات العمل الإنساني مثل هيئة الإغاثة الإنسانية التركية.